قَالَ (وَمَنْ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ) لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ، فَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّوْأَمَيْنِ وَلَدَانِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ عُلُوقُ الثَّانِي حَادِثًا لِأَنَّهُ لَا حَبَلَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا كَانَ فِي يَدِهِ غُلَامَانِ تَوْأَمَانِ وُلِدَا عِنْدَهُ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الَّذِي فِي يَدِهِ فَهُمَا ابْنَاهُ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ الَّذِي عِنْدَهُ لِمُصَادَفَةِ الْعُلُوقِ وَالدَّعْوَةِ مِلْكَهُ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيهِ ثَبَتَ بِهِ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ فِيهِ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْآخَرِ، وَحُرِّيَّةُ الْأَصْلِ فِيهِ ضَرُورَةٌ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ عِتْقَ الْمُشْتَرِي وَشِرَاءَهُ لَاقَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فَبَطَلَ،
وَالْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ فِي تَقْرِيرِهِ نَوْعُ ضِيقٍ وَاضْطِرَابٍ.
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: (وَمَنْ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ) التَّوْأَمُ اسْمٌ لِلْوَلَدِ إذَا كَانَ مَعَهُ آخَرُ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، يُقَالُ هُمَا تَوْأَمَانِ كَمَا يُقَالُ هُمَا زَوْجَانِ، وَقَوْلُهُمْ هُمَا تَوْأَمٌ وَهُمَا زَوْجٌ خَطَأٌ، وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى تَوْأَمَةٌ، وَكَذَا فِي الْمُغْرِبِ. وَلَكِنَّ الْإِمَامَ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيَّ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ ذِكْرَ التَّوْأَمِ مَكَانَ التَّوْأَمَيْنِ صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: غُلَامَانِ تَوْأَمٌ، وَغُلَامَانِ تَوْأَمَانِ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا (ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ) أَيْ ثَبَتَ نَسَبُ التَّوْأَمَيْنِ مَعًا مِمَّنْ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِهِمَا (لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ، فَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ)، وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ (لِأَنَّ التَّوْأَمَيْنِ وَلَدَانِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ عُلُوقُ الثَّانِي حَادِثًا) أَيْ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ (لِأَنَّهُ لَا حَبَلَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَلَا يُتَصَوَّرُ عُلُوقُ الثَّانِي عَلَى عُلُوقِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا إذَا حَبِلَتْ يَنْسَدُّ فَمُ الرَّحِمِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِدَفْعِ هَذَا الِاحْتِمَالِ لِكَوْنِهِ أَمْرًا مَعْلُومًا فِي غَيْرِ هَذَا الْفَنِّ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: ذَكَرَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى صُورَةِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا وَدَعْوَى النَّسَبِ فِي الْآخَرِ بَعْدَ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي انْتَهَى.
وَقَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: إنَّمَا أَعَادَ لَفْظَ الْجَامِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ وُلِدَا عِنْدَهُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى كَوْنِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي انْتَهَى (إذَا كَانَ فِي يَدِهِ غُلَامَانِ تَوْأَمَانِ وُلِدَا عِنْدَهُ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الَّذِي فِي يَدِهِ فَهُمَا ابْنَاهُ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي) وَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَالْعِتْقُ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَتْحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّعْلِيلِ (لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ الَّذِي عِنْدَهُ لِمُصَادَفَةِ الْعُلُوقِ وَالدَّعْوَةِ مِلْكَهُ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيهِ) أَيْ فِي أَنْ يُصَادِفَ الْعُلُوقُ وَالدَّعْوَةُ مِلْكَهُ، فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ: وُلِدَا عِنْدَهُ إشَارَةٌ إلَى مُصَادَفَةِ الْعُلُوقِ مِلْكَهُ، وَفِي قَوْلِهِ: ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الَّذِي فِي يَدِهِ تَصْرِيحٌ بِمُصَادَفَةِ الدَّعْوَى مِلْكَهُ (ثَبَتَ بِهِ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ) جَوَابٌ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ الَّذِي عِنْدَهُ: أَيْ ثَبَتَ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ فِي هَذَا الْوَلَدِ (فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْآخَرِ) أَيْ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ الْآخَرِ الَّذِي كَانَ بَاعَهُ وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي (وَحُرِّيَّةُ الْأَصْلِ فِيهِ) أَيْ وَيَثْبُتُ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ الْوَلَدِ أَيْضًا (ضَرُورَةً لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ) وَهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ (فَتَبَيَّنَ أَنَّ عِتْقَ الْمُشْتَرِي وَشِرَاءَهُ لَاقَى حُرَّ الْأَصْلِ فَبَطَلَ) أَيْ فَبَطَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عِتْقِهِ وَشِرَائِهِ.
قَالَ فِي الْكَافِي: وَكَانَ هَذَا نَقْضَ الْإِعْتَاقِ بِأَمْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute