بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ وَاحِدًا لِأَنَّ هُنَاكَ يَبْطُلُ الْعِتْقُ فِيهِ مَقْصُودًا لِحَقِّ دَعْوَةِ الْبَائِعِ وَهُنَا ثَبَتَ تَبَعًا لِحُرِّيَّتِهِ فِيهِ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ فَافْتَرَقَا (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ الَّذِي
فَوْقَهُ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ الثَّابِتَةُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ انْتَهَى (بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ) حَيْثُ لَا يَبْطُلُ فِيهِ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي بِدَعْوَى الْبَائِعِ نِسْبَةً كَمَا مَرَّ (لِأَنَّ هُنَاكَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ (يَبْطُلُ الْعِتْقُ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَلَدِ (مَقْصُودًا) يَعْنِي لَوْ صَحَّتْ الدَّعْوَةُ مِنْ الْبَائِعِ هُنَاكَ لَبَطَلَ الْعِتْقُ فِي الْوَلَدِ مَقْصُودًا (لِحَقِّ دَعْوَةِ الْبَائِعِ) وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ حَقَّ الدَّعْوَةِ لَا يُعَارِضُ حَقِيقَةَ الْإِعْتَاقِ (وَهَاهُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْأَمَيْنِ (يَثْبُتُ تَبَعًا لِحُرِّيَّتِهِ فِيهِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) أَيْ يَثْبُتُ بُطْلَانُ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَاهُ تَبَعًا لِحُرِّيَّتِهِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ لَا حُرِّيَّةِ التَّحْرِيرِ، فَالضَّمِيرُ فِي حُرِّيَّتِهِ رَاجِعٌ إلَى الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ. وَقَوْلُهُ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَثْبُتُ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمُشْتَرَى كَذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لِحُرِّيَّتِهِ، وَإِنَّمَا أَبْدَلَ بِهِ إشَارَةً إلَى سَبْقِهَا لِيَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فَالْإِعْتَاقُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ فَكَانَ خَلِيقًا بِالرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
أَقُولُ: هَذَا شَرْحٌ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ تَعْقِيدٌ لَفْظِيٌّ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ حَيْثُ كَانَ حَقُّ الْأَدَاءِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يُقَالَ: وَهَاهُنَا يَثْبُتُ فِيهِ تَبَعًا لِحُرِّيَّتِهِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَكَأَنَّ مُتَقَدِّمِي الشُّرَّاحِ هَرَبُوا عَنْهُ حَيْثُ قَالَ صَاحِبَا النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ فِي بَيَانِ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا: أَيْ يَثْبُتُ بُطْلَانُ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِحُرِّيَّةِ الْمُشْتَرَى الَّذِي كَانَتْ الْحُرِّيَّةُ فِيهِ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ: يَعْنِي فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يَثْبُتُ بُطْلَانُ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي لَا مَقْصُودًا بَلْ لِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ الثَّابِتَةِ فِي الَّذِي بَاعَهُ اهـ.
فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِمَّا بَيَّنُوا مِنْ الْمَعْنَى أَنْ لَا يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ يَثْبُتُ بَلْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمُقَدَّرٍ وَهُوَ الْكَائِنَةُ أَوْ الثَّابِتَةُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يَلْزَمُ التَّعْقِيدُ أَقُولُ: لَعَلَّ الْمَحْذُورَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ بَعْدَ أَنْ تُضَافُ إلَى الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إلَى الْمُشْتَرَى لَا يَبْقَى احْتِمَالُ أَنْ لَا يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: تَثْبُتُ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ لَغْوًا مِنْ الْكَلَامِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَنْ لَوْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَهَاهُنَا يَثْبُتُ تَبَعًا لِلْحُرِّيَّةِ فِيهِ بِدُونِ الْإِضَافَةِ كَمَا لَا يَخْفَى (فَافْتَرَقَا) أَيْ فَافْتَرَقَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّوْأَمَيْنِ، وَمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ وَاحِدًا حَيْثُ لَزِمَ بُطْلَانُ الْعِتْقِ هُنَاكَ أَصَالَةً وَقَصْدًا، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ ضِمْنًا وَتَبَعًا، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَتَبَعًا وَلَا يَثْبُتُ أَصَالَةً وَقَصْدًا.
قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: إلَى هَذَا أَشَارَ قَاضِي خَانْ والمرغيناني فِي فَوَائِدِهِ وَالسَّرَخْسِيُّ فِي جَامِعِهِ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ بَعْدَ شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ: أَوْ نَقُولُ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُشْتَرِي الَّذِي يَثْبُتُ مِنْهُ بَلْ يَظْهَرُ بِدَعْوَةِ الْبَائِعِ لِمَا فِي يَدِهِ مِنْ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ أَنَّ إعْتَاقَ الْمُشْتَرِي لَمْ يُلَاقِ مَحَلَّهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ، وَتَحْرِيرُ الْحُرِّ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ الثَّابِتِ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ (فَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي ذُكِرَ مِنْ قَبْلُ إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute