قَالَ (وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَقَبَضَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ مَا دَامَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَهِيَ كُلُّهَا إلَيْهِ (فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا بِإِذْنِهِ)؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى حُكْمُ الْوَكَالَةِ، وَلِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ يَدِهِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلِهَذَا كَانَ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي فِي الْمُشْتَرِي دَعْوَى كَالشَّفِيعِ وَغَيْرِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا بَعْدَهُ.
قَالَ (وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ)؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَمْلِكُهُ بِنَفْسِهِ فَيَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ،
وَكَيْفَ يَصِحُّ مَا ذَكَرَ فِي التَّحْقِيقِ الْمَزْبُورِ مِنْ أَنَّ الدَّرَاهِمَ بِقِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا وَسِطَتِهَا تُعَيِّنُ أَفْرَادَ مَا عَيَّنَهُ الْعُرْفُ، وَالْخُبْزُ لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا عَيَّنَهُ الْعُرْفُ عَلَى مَا ذَكَرَ فِيهِ. لَا يُقَالُ: يَجُوزُ أَنْ يُدْرَجَ الْخُبْزُ فِي الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا الْمَذْكُورَيْنِ أَوْ أَنْ يُجْعَلَ فِي حُكْمِهِمَا فَيَكْتَفِي بِذِكْرِهِمَا عَنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا مَجَالَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْخُبْزَ قَسِيمًا لِلْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا فِي الذِّكْرِ وَالْحُكْمِ حَيْثُ قَالُوا: إنْ كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ فَعَلَى الْحِنْطَةِ، وَإِنْ قَلَّتْ فَعَلَى الْخُبْزِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَعَلَى الدَّقِيقِ فَأَنَّى يَتَيَسَّرُ ذَلِكَ. نَعَمْ قَدْ ذَكَرَ الْخُبْزَ مَعَ الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيَانِ تَحْكِيمِ الدَّرَاهِمِ كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ عِنْدَ نَقْلِ كَلَامِ صَاحِبِ النِّهَايَةِ، فَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِي تَصْحِيحِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَمَسْأَلَةِ الْمَبْسُوطِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِ الْكَلَامِ الثَّانِي دَاخِلًا فِي الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَقَبَضَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ) أَيْ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ فِيهِ (مَا دَامَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ (مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ) أَيْ مِنْ حُقُوقِ عَقْدِ الشِّرَاءِ (وَهِيَ كُلُّهَا إلَيْهِ) أَيْ الْحُقُوقُ كُلُّهَا تَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ فِي مِثْلِ هَذَا الْعَقْدِ (فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ) أَيْ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ إلَى الْمُوَكِّلِ (لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ (لِأَنَّهُ انْتَهَى حُكْمُ الْوَكَالَةِ) أَيْ انْتَهَى حُكْمُ الْوَكَالَةِ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَخَرَجَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْقَطْعِ حَقُّهُ (وَلِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُوَكِّلِ (إبْطَالَ يَدِهِ) أَيْ يَدِ الْمُوَكِّلِ (الْحَقِيقِيَّةِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْيَدِ الْحَقِيقِيَّةِ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْحُقُوقِ كُلِّهَا إلَى الْوَكِيلِ كَذَا قِيلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشُّرُوحِ.
أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ لَا بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي حَيِّزِ هَذَا التَّفْرِيعِ كَمَا تَرَى. فَالْحَقُّ فِي التَّفْسِيرِ أَنْ يُقَالَ: أَيْ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى جَوَازِ الرَّدِّ فِي صُورَةٍ وَعَدَمِ جَوَازِهِ فِي أُخْرَى (كَانَ) أَيْ الْوَكِيلُ (خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي فِي الْمُشْتَرِي دَعْوَى كَالشَّفِيعِ) إذَا ادَّعَى حَقَّ الشُّفْعَةِ فِي الْمُشْتَرِي (وَغَيْرِهِ) أَيْ وَغَيْرِ الشَّفِيعِ كَمَنْ يَدَّعِي الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ (قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُوَكِّلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ كَانَ خَصْمًا: أَيْ كَانَ الْوَكِيلُ خَصْمًا لِذَلِكَ الْمُدَّعِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُوَكِّلِ (لَا بَعْدَهُ) أَيْ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا لَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِعَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ شَخْصًا أَنْ يَعْقِدَ عَقْدَ الصَّرْفِ أَوْ يُسَلِّمَ فِي مَكِيلٍ مَثَلًا فَفَعَلَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَمْلِكُهُ بِنَفْسِهِ فَيَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِهِ
دَفْعًا لِلْحَاجَةِ
(عَلَى مَا مَرَّ) فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ كُلُّ عَقْدٍ جَازَ أَنْ يَعْقِدَهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ غَيْرَهُ. قَالَ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ: يَرُدُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْوَكَالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute