وَهَذَا إذَا قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَمَّا إذَا قَالَ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَالتَّقْدِيرُ فِيهَا بِالْعِشْرِينِ، وَفِي الْإِبِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ أَدْنَى نِصَابٍ يَجِبُ فِيهِ مِنْ جِنْسِهِ وَفِي غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ بِقِيمَةِ النِّصَابِ (وَلَوْ قَالَ: أَمْوَالٌ عِظَامٌ فَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ نُصُبٍ مِنْ أَيِّ فَنٍّ سَمَّاهُ) اعْتِبَارًا لِأَدْنَى الْجَمْعِ (وَلَوْ قَالَ: دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَعِنْدَهُمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ)
وَيُسْتَبَاحُ بِهِ الْبُضْعُ الْمُحْتَرَمُ وَهُوَ أَقَلُّ مَالٍ لَهُ خَطَرٌ فِي الشَّرْعِ فَلَمْ يَتِمَّ التَّقْرِيبُ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ ﵀: وَالْأَصَحُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُبْنَى عَلَى حَالِ الْمُقِرِّ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، فَإِنَّ الْقَلِيلَ عِنْدَ الْفَقِيرِ عَظِيمٌ، وَأَضْعَافُ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَنِيِّ حَقِيرٌ، وَكَمَا أَنَّ الْمِائَتَيْنِ عَظِيمٌ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ فَالْعَشَرَةُ عَظِيمٌ فِي حُكْمِ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ، وَتَقْدِيرُ الْمَهْرِ بِهَا فَوَقَعَ التَّعَارُضُ فَيَرْجِعُ إلَى حَالِ الْمُقِرِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ (وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ (إذَا قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ سَوَاءٌ قَالَ كَذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ قَالَ فِي الِابْتِدَاءِ: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ بَيَّنَ مُرَادَهُ مِنْ الْمَالِ الْعَظِيمِ بِالدَّرَاهِمِ فَقَوْلُ صَاحِبَيْ النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هَذَا إذَا قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ: أَيْ بَيَّنَ وَقَالَ: إنَّ مُرَادِي بِالْمَالِ الْعَظِيمِ الدَّرَاهِمُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ (أَمَّا إذَا قَالَ مِنْ الدَّنَانِيرِ) أَيْ إذَا قَالَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ ثَانِيًا عِنْدَ الْبَيَانِ (فَالتَّقْدِيرُ فِيهَا) أَيْ فِي الدَّنَانِيرِ (بِالْعِشْرِينِ) أَيْ بِعِشْرِينَ مِثْقَالًا لِأَنَّهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ (وَفِي الْإِبِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ) يَعْنِي وَفِيمَا إذَا قَالَ مِنْ الْإِبِلِ يُقَدَّرُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ إبِلًا (لِأَنَّهُ أَدْنَى نِصَابٍ يَجِبُ فِيهِ مِنْ جِنْسِهِ) كَعِشْرِينَ مِثْقَالًا فِي الدَّنَانِيرِ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي الدَّرَاهِمِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ بِجِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ فَالْمُعْتَبَرُ أَقَلُّ مَا يَكُونُ نِصَابًا فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ.
فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ فِي الْإِبِلِ بِخَمْسٍ لِأَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ شَاةٌ فَكَانَ صَاحِبُهَا بِهَا غَنِيًّا. قُلْنَا: هِيَ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَجِبَ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ عَظِيمٍ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا يَجِبَ فِيهَا مِنْ جِنْسِهَا، فَاعْتَبَرْنَا مَا ذَكَرْنَا لِيَكُونَ عَظِيمًا مُطْلَقًا إذْ الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَبَعْضِ الشُّرُوحِ (وَفِي غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ بِقِيمَةِ النِّصَابِ) يَعْنِي وَفِيمَا إذَا بَيَّنَ بِغَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ يُقَدَّرُ بِقِيمَةِ النِّصَابِ: أَيْ بِقَدْرِ النِّصَابِ قِيمَةً (وَلَوْ قَالَ أَمْوَالٌ عِظَامٌ) أَيْ وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَمْوَالٌ عِظَامٌ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ (فَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ نُصُبٍ مِنْ أَيِّ فَنٍّ سَمَّاهُ) أَيْ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ سَمَّاهُ، حَتَّى لَوْ قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ التَّقْدِيرُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ مِنْ الدَّنَانِيرِ كَانَ بِسِتِّينَ مِثْقَالًا، وَلَوْ قَالَ مِنْ الْإِبِلِ كَانَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَاسِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ (اعْتِبَارًا لِأَدْنَى الْجَمْعِ) فَإِنَّ أَدْنَى الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ فَيُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْوَالٍ عِظَامٍ وَهُوَ ثَلَاثَةُ نُصُبٍ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ: لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا، وَكَانَ الْجُرْجَانِيُّ يَقُولُ يَلْزَمُهُ مِائَتَانِ، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْإِيضَاحِ وَالذَّخِيرَةِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِفَايَتِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةٌ وَالتَّضْعِيفُ أَقَلُّهُ مَرَّةٌ فَيُضَعَّفُ مَرَّةً، قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً أَوْ قَالَ مُضَاعَفَةً أَضْعَافًا عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْأَضْعَافَ جَمْعُ الضِّعْفِ فَيُضَاعَفُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَكَانَتْ تِسْعَةً، وَقَوْلُهُ مُضَاعَفَةً يَقْتَضِي ضِعْفَ ذَلِكَ فَيَقْتَضِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الدَّرَاهِمُ الْمُضَاعَفَةُ سِتَّةٌ وَأَضْعَافُهَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَأَضْعَافُهَا مُضَاعَفَةً عَلَيْهِ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّ أَضْعَافَ الْعَشَرَةِ ثَلَاثُونَ فَإِذَا ضُمَّتْ إلَى الْعَشَرَةِ كَانَ أَرْبَعِينَ فَأَوْجَبَهَا مُضَاعَفَةً فَيَكُونُ ثَمَانِينَ (وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ) أَيْ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ (لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُصَدَّقُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يُصَدَّقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute