للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا لَوْ جَاءَ رَادُّ الْمَغْصُوبِ الْوَدِيعَةِ بِالْمَعِيبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ مَفْصُولًا اعْتِبَارًا بِالْقَرْضِ إذْ الْقَبْضُ فِيهِمَا هُوَ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ. وَلَوْ قَالَ هِيَ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَوَصَلَ صُدِّقَ، وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّ السَّتُّوقَةُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ لَكِنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهَا مَجَازًا فَكَانَ بَيَانًا مُغَيِّرًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْلِ (وَإِنْ قَالَ فِي هَذَا كُلِّهِ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ وَصَلَ صُدِّقَ)

تَابِعٍ لِاقْتِضَاءِ الْجِهَةِ الْمُوجِبَةِ لَهَا السَّلَامَةَ، وَإِنَّمَا تَأْثِيرُ اقْتِضَائِهَا السَّلَامَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ الْمَوْصُوفَةِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ عَنْ مُطْلَقِ اسْمِ الدَّرَاهِمِ الْمَذْكُورَةِ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ لَا فِي جَعْلِهَا مَعْيُوبَةً، وَكَذَلِكَ فِي كَوْنِ الزِّيَافَةِ نَوْعًا: أَيْ مُنَوَّعَةً لَيْسَ بِتَابِعٍ لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ الْجِهَةِ السَّلَامَةَ، بَلْ الزِّيَافَةُ كَالْجَوْدَةِ مُنَوَّعَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنَّ الْجِيَادَ وَالزُّيُوفَ نَوْعَانِ مِنْ مُطْلَقِ الدَّرَاهِمِ قَطْعًا سَوَاءٌ اقْتَضَتْ الْجِهَةُ السَّلَامَةَ أَمْ لَا، وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا لَمْ تَقْتَضِهَا كَانَتَا نَوْعَيْنِ لِمُطْلَقِ الدَّرَاهِمِ أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَانَتَا نَوْعَيْنِ لِمُطْلَقِ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ تَكُنْ الزِّيَافَةُ عَيْبًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ، بَلْ الزِّيَافَةُ عَيْبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَوْنُهَا نَوْعًا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا عَيْبًا، فَإِنَّ كَوْنَ بَعْضِ الْأَنْوَاعِ مَعْيُوبًا بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ الْآخَرِ لَيْسَ بِعَزِيزٍ، وَإِنَّمَا لَا تَكُونُ عَيْبًا لَوْ كَانَتْ فِي أَصْلِ خِلْقَةِ الدَّرَاهِمِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَانَتَا نَوْعَيْنِ لِمُطْلَقِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَافَةُ عَيْبًا أَيْضًا فَلَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ النَّظَرِ الْمَذْكُورِ بِمَا ذَكَرَهُ أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنْ لَا مُقْتَضَى لَهُ فِي الْجِيَادِ وَلَا تَعَامُلَ (لَوْ جَاءَ رَادُّ الْمَغْصُوبِ) وَهُوَ الْغَاصِبُ (الْوَدِيعَةِ) أَيْ وَرَادُّ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ الْمُودِعُ (بِالْمَعِيبِ) مُتَعَلِّقٌ بِجَاءَ: أَيْ لَوْ جَاءَ رَادُّهُمَا بِالْمَعِيبِ (كَانَ الْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلرَّادِّ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ مَتَى وَقَعَ فِي صِفَةِ الْمَقْبُوضِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْقَابِضِ ضَمِينًا كَانَ أَوْ أَمِينًا (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ) أَيْ فِي الْغَصْبِ لَا فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (مَفْصُولًا) أَيْ إذَا ادَّعَى الزِّيَافَةَ مَفْصُولًا (اعْتِبَارًا بِالْقَرْضِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَيْهِ (إذْ الْقَبْضُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْغَصْبِ وَالْقَرْضِ (هُوَ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ) يَعْنِي أَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا كَوْنُ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ هُوَ الْقَبْضَ، وَجَوَابُهُ يُفْهَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ تَدَبَّرْ (وَلَوْ قَالَ: هِيَ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَوَصَلَ صُدِّقَ وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُصَدَّقْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ.

قَالَ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ: وَإِنْ قَالَ هِيَ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ صُدِّقَ إنْ وَصَلَ وَلَمْ يُصَدَّقْ إذَا فَصَلَ: يَعْنِي فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا صُورَةً، فَصَارَ إرَادَتُهَا بِاسْمِ الدَّرَاهِمِ كَإِرَادَةِ الْمَجَازِ بِاسْمِ الْحَقِيقَةِ، وَإِذَا بَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ بِاللَّفْظِ الْمَجَازَ مَوْصُولًا قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.

وَعَلَّلَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فَقَالَ (لِأَنَّ السَّتُّوقَةَ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهَا حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّجَوُّزُ بِهَا فِي بَابِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (لَكِنَّ الِاسْمَ) أَيْ اسْمَ الدَّرَاهِمِ (يَتَنَاوَلُهَا) أَيْ يَتَنَاوَلُ السَّتُّوقَةَ (مَجَازًا) لِلْمُشَابَهَةِ بَيْنَ السَّتُّوقَةِ وَالدَّرَاهِمِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ (فَكَانَ بَيَانًا مُغَيِّرًا) لِمَا اقْتَضَاهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ يَتَنَاوَلُ الدَّرَاهِمَ صُورَةً وَحَقِيقَةً، وَبِآخِرِ كَلَامِهِ بَيَّنَ أَنَّ مُرَادَهُ الدَّرَاهِمُ صُورَةً لَا حَقِيقَةً (فَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْلِ) لِأَنَّ بَيَانَ التَّغْيِيرِ يَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ لِأَنَّ الزُّيُوفَ وَالنَّبَهْرَجَةَ دَرَاهِمُ صُورَةً وَحَقِيقَةً فَلَيْسَ فِي بَيَانِهِ تَغْيِيرٌ لِأَوَّلِ كَلَامِهِ فَصَحَّ مَوْصُولًا وَمَفْصُولًا (وَإِنْ قَالَ فِي هَذَا كُلِّهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالْغَصْبِ وَالْإِيدَاعِ (أَلْفًا ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ وَصَلَ صُدِّقَ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>