للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّ الْمُقِرَّ لَوْ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ بِشَيْءٍ لَرَجَعَ الْقَابِضُ عَلَى الْغَرِيمِ وَرَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْمُقِرِّ فَيُؤَدِّي إِلَى الدَّوْرِ.

الْخَمْسِينَ الْبَاقِي عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي يَقْبِضُهُ الِابْنُ الْمُنْكِرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِابْنِ الْمُقِرِّ وَالِابْنِ الْمُنْكِرِ، هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، تَقْرِيرُهُ أَنَّ جَمِيعَ الدَّيْنِ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَكَذَلِكَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَمَا هَلَكَ يَهْلَكُ مُشْتَرَكًا، وَمَا بَقِيَ يَبْقَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَالِابْنُ الْمُنْكِرُ لَمَّا جَحَدَ الْهَلَاكَ لَمْ يُنْكِرْ الِاشْتِرَاكَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَالِابْنُ الْمُقِرُّ وَإِنْ زَعْمَ أَنَّ بَعْضَ أَجْزَائِهِ هَالِكٌ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ الِاشْتِرَاكَ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الْهَلَاكِ، فَهُمَا مُتَصَادِقَانِ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الْبَاقِي الْمَقْبُوضِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْمُقِرُّ عَلَى الْقَابِضِ بِنِصْفِ مَا قَبَضَهُ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُمَا وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى كَوْنِ الْمَقْبُوضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، (لَكِنَّ الْمُقِرَّ) لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ بِشَيْءٍ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ؛ إِذْ (لَوْ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ بِشَيْءٍ لَرَجَعَ الْقَابِضُ عَلَى الْغَرِيمِ) بِقَدْرِ ذَلِكَ؛ لِزَعْمِهِ أَنَّ أَبَاهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنَ الْغَرِيمِ، وَلَهُ تَمَامُ الْخَمْسِينَ بِسَبَبٍ سَابِقٍ، (وَرَجَعَ الْغَرِيمُ) أَيْضًا (عَلَى الْمُقِرِّ) بِقَدْرِ ذَلِكَ لِانْتِقَاضٍ الْمُقَاصَّةِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَبَقَائِهِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ بِمُوجَبِ إِقْرَارِهِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ، (فَيُؤَدِّي إِلَى الدَّوْرِ) وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ.

وَقَدْ قَرَّرَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ هَاهُنَا بِوَجْهٍ آخَرَ؛ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: زَعْمُ الْمُقِرِّ يُعَارِضُهُ زَعْمُ الْمُنْكِرِ، فَإِنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى التَّرِكَةِ، كَمَا فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ، وَالْمُنْكِرُ يَدَّعِي زِيَادَةً عَلَى الْمَقْبُوضِ، فَتَصَادَقَا عَلَى كَوْنِ الْمَقْبُوضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَمَا الْمُرَجِّحُ لِزَعْمِ الْمُقِرِّ عَلَى زَعْمِ الْمُنْكِرِ حَتَّى انْصَرَفَ الْمُقَرُّ بِهِ إِلَى نَصِيبِ الْمُقِرِّ خَاصَّةً، وَلَمْ يَكُنِ الْمَقْبُوضُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. أَجَابَ بِقَوْلِهِ: غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى كَوْنِ الْمَقْبُوضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، لَكِنَّ الْمُقِرَّ لَوْ رَجَعَ، يَعْنِي أَنَّ الْمُرَجِّحَ هُوَ أَنَّ اعْتِبَارَ زَعْمَ الْمُنْكِرِ يُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ الْفَائِدَةِ بِلُزُومِ الدَّوْرِ، انْتَهَى.

أَقُولُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تَقْرِيرَيِ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُخْتَلٌّ، أَمَّا تَقْرِيرُ السُّؤَالِ؛ فَلِأَنَّ حَدِيثَ مُعَارِضَةِ زَعْمَ الْمُقِرِّ لِزَعْمِ الْمُنْكِرِ، وَتَرْجِيحِ زَعْمِ الْمُقِرِّ عَلَى زَعْمِ الْمُنْكِرِ مِمَّا لَا مَسَاسَ لَهُ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى كَوْنِ الْمَقْبُوضِ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّصَادُقَ يُنَافِي التَّعَارُضَ وَالتَّرْجِيحَ فَكَيْفَ يَحْمِلُ كَلَامَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْعَجَبُ أَنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ أَدْرَجَ تَصَادُقَهُمَا أَيْضًا فِي أَثْنَاءِ تَقْرِيرِ السُّؤَالِ، وَفَرَّعَ عَلَى تَعَارُضِ زَعْمَيْهِمَا؛ حَيْثُ قَالَ: فَتَصَادَقَا عَلَى كَوْنِ الْمَقْبُوضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ طَلَبَ الْمُرَجِّحَ بِقَوْلِهِ: فَمَا الْمُرَجِّحُ لِزَعْمِ الْمُقِرِّ عَلَى زَعْمِ الْمُنْكِرِ؟ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي نَفْسِ هَذَا التَّقْرِيرِ تَعَارُضًا وَتَنَاقُضًا، وَأَمَّا تَقْرِيرُ الْجَوَابِ فَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ: يَعْنِي أَنَّ الْمُرَجِّحَ، هُوَ أَنَّ اعْتِبَارَ زَعْمَ الْمُنْكِرِ يُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ الْفَائِدَةِ بِلُزُومِ الدَّوْرِ هُوَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>