أَمَّا عَبْدُهُ فَمِنْ تِجَارَتِهِ، وَتَصَرُّفُهُ فِيهِ نَافِذٌ بَيْعًا فَكَذَا اسْتِخْلَاصًا، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ كَالزَّائِلِ عَنْ مِلْكِهِ وَهَذَا شِرَاؤُهُ فَيَمْلِكُهُ.
قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا يَهُودِيًّا قِيمَتُهُ دُونَ الْمِائَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ هِيَ الْقِيمَةُ، وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ، فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا تَكُونُ رِبًا، بِخِلَافِ مَا إِذَا صَالَحَ عَلَى عَرَضٍ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَظْهَرُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَبِخِلَافِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَلَا تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حَقَّهُ فِي الْهَالِكِ بَاقٍ حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا وَتَرَكَ أَخْذَ الْقِيمَةِ يَكُونُ الْكَفَنُ عَلَيْهِ، أَوْ حَقَّهُ فِي مِثْلِهِ صُورَةً وَمَعْنًى؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ بِالْمِثْلِ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ، فَقَبِلَهُ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْأَكْثَرِ كَانَ اعْتِيَاضًا فَلَا يَكُونُ رِبًا، بِخِلَافِ الصُّلْحِ بَعْدَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ انْتَقَلَ إِلَى الْقِيمَةِ.
ابْنَ زَوْجِهَا، انْتَهَى. فَمَاذَا حَالُ هَذَا الْمَعْنَى؟ قُلْتُ: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ: وُقُوعُ الْفُرْقَةِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا يَمْنَعُ إِعْطَاءَ الزَّوْجِ الْعِوَضُ لَوْ كَانَتْ هِيَ مُسْتَقِلَّةٌ فِي مُبَاشَرَةِ سَبَبِ الْفُرْقَةِ، كَمَا إِذَا مَكَّنَتِ ابْنَ زَوْجِهَا، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مُبَاشَرَتُهَا بِسَبَبِ الْفُرْقَةِ بِرَأْيِ الزَّوْجِ وَرِضَاهُ، كَمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إِذَا كَانَ تَرْكُهَا دَعْوَى النِّكَاحِ فِيهِ بِطَلَبِ الزَّوْجِ وَرِضَاهُ؛ حَيْثُ تَصَالَحَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ بَذَلَهُ لَهَا فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يَمْنَعُ إِعْطَاءَ الزَّوْجِ الْعِوَضَ؛ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ أَوْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي يَنْوِي بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ، فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَزِمَهُ مَهْرُهَا قَطْعًا، فَلَمْ يَكُنْ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ مِنْ جَانِبِهَا هُنَاكَ مَانِعًا عَنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ عَلَى الزَّوْجِ، كَمَا كَانَ مَانِعًا عَنْهُ فِيمَا إِذَا مَكَّنَتِ ابْنَ زَوْجِهَا، فَكَذَا هَاهُنَا لَا يَكُونُ وُقُوعُهَا مِنْ جَانِبِهَا مَانِعًا عَنْ لُزُومِ إِعْطَاءِ الزَّوْجِ الْعِوَضَ، فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَقَّهُ فِي مِثْلِهِ صُورَةً وَمَعْنًى؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ بِالْمِثْلِ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ … إِلَخْ). قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَفِى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute