قَالَ: (وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ، فَصَالَحَهُ الْآخَرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ فَالْفَضْلُ بَاطِلٌ)، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِمَا بَيَّنَّا. وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْعِتْقِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا
فِي الْقِيَمِيِّ، وَذَكَرَ فِي الدَّلِيلِ الْمِثْلَ، فَإِنَّ وُجُوبَ الْمِثْلِ صُورَةٌ وَمَعْنًى إِنَّمَا هُوَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ، وَلَا يُصَارُ فِيهَا إِلَى الْقِيمَةِ إِلَّا إِذَا انْقَطَعَ الْمُثْلَى فَحِينَئِذٍ يُصَارُ إِلَيْهَا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
أَقُولُ: قَدْ غَلِطَ فِي اسْتِخْرَاجِ هَذَا الْمَقَامِ، فَحَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّسَامُحِ، وَمَنْشَأُ ذَلِكَ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْحَقِّ فِي قَوْلِهِ: أَوْ حَقَّهُ فِي مِثْلِهِ صُورَةً وَمَعْنًى هُوَ حَقُّ الْأَخْذِ، وَهَذَا غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْقِيمِيَّاتِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمِثْلِ فَرَّعٌ وَجَوَّدَهُ، وَوُجُودُ الْمِثْلِ صُورَةً وَمَعْنًى إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِهِ ذَلِكَ قَطْعًا، بَلْ إِنَّمَا مُرَادُهُ بِهِ حَقُّ تَعَلُّقِ الْمِلْكِ بِجِهَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ حَقٌّ لِلْمَالِكِ مِثْلَ الْهَالِكِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَهَذَا الْحَقُّ يُتَصَوَّرُ فِي الْقِيمِيَّاتِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ حَقُّ الْأَخْذِ إِلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقِيمِيَّاتِ فِي الذِّمَّةِ مُمْكِنٌ كَالْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ فِي النِّكَاحِ وَالدِّيَةِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ. وَمِمَّا يُفْصِحُ عَمَّا قُلْنَا مَا ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَنُقِلَ عَنْهَا فِي النِّهَايَةِ بِأَنْ قَالَ: وَالْوَجْهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ هَذَا اعْتِيَاضٌ عَنِ الثَّوْبِ وَالْحَيَوَانِ حُكْمًا، فَيَجُوزُ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَالِاعْتِيَاضِ عَنِ الثَّوْبِ الْقَائِمِ وَالْحَيَوَانِ الْقَائِمِ حَقِيقَةً. وَإِنَّمَا قُلْنَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute