قَالَ (وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ فِضَّةً فَأَعْطَوْهُ ذَهَبًا أَوْ كَانَ ذَهَبًا فَأَعْطَوْهُ فِضَّةً فَهُوَ كَذَلِكَ) لِأَنَّهُ بَيْعُ الْجِنْسِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ فَلَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي وَيُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ إِنْ كَانَ جَاحِدًا يَكْتَفِي بِذَلِكَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ قَبْضُ ضَمَانٍ فَيَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا لَا بُدَ مِنْ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ قَبْضُ أَمَانَةٍ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الصُّلْحِ (وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَغَيْرَ ذَلِكَ فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَلَا بُدَ أَنْ يَكُونَ مَا أَعْطَوْهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ حَتَّى يَكُونَ نَصِيبُهُ بِمِثْلِهِ وَالزِّيَادَةُ بِحَقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ) احْتِرَازًا عَنِ الرِّبَا،
وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ التَّخَارُجِ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْأَصْلِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصُّلْحِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ إِحْدَى نِسَاءِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ صَالَحُوهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا عَلَى أَنْ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْمِيرَاثِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بِتَخَارُجِ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، وَكَذَلِكَ رَوَى الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ إِحْدَى نِسَاءَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ صَالَحُوهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا عَلَى أَنْ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْمِيرَاثِ،
وَقَدْ أَثْبَتَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيُّ وَعَلَاءُ الدَّيْنِ الْإِسْبِيَجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لَفْظُ الْكَافِي، كَمَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ، إِلَّا أَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيَّ قَالَ: وَهِيَ تَمَاضُرُ كَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ، فَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي مِيرَاثِهَا مِنْهُ ثُمَّ صَالَحُوهَا عَلَى الشَّطْرِ، وَكَانَتْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَأَوْلَادٍ، فَحَظُّهَا رُبْعُ الثَّمَنِ جُزْءٌ مِنَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنَ التَّرِكَةِ فَصَالَحُوهَا عَلَى نِصْفِ ذَلِكَ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا وَأَخَذَتْ بِهَذَا الْحِسَابِ ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ الْأَلْفَ مُطْلَقًا وَلَمْ يُفَسِّرْ أَنَّهَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ، وَذَكَرَ ثَلَاثَةً قَبْلَ الثَّمَانِينَ وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الْمُصَالَحَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ كَمْ نِسْوَةً مَاتَ. وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ لَمْ يَذْكُرِ الثَّلَاثَةَ قَبْلَ الثَّمَانِينَ، وَفَسَّرَ الثَّمَانِينَ بِالدِّينَارِ. إِلَى هُنَا لَفَظُ غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهَذَا بَسَّطَ مَا ذُكِرَ فِي جُمْلَةِ الشُّرُوحِ هَاهُنَا غَيْرُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي سَائِرِ الشُّرُوحِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ أَلْفَ دِينَارٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ فِضَّةً وَذَهَبًا وَغَيْرَ ذَلِكَ فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا أَعْطَوْهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ حَتَّى يَكُونَ نَصِيبُهُ بِمِثْلِهِ وَالزِّيَادَةُ بِحَقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ احْتِرَازًا عَنِ الرِّبَا). أَمَّا إِذَا كَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ تَبْقَى الزِّيَادَةُ عَلَى الْمَأْخُوذِ مَنْ جَنَّسَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute