وَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا وَالْعَبْدُ حَيٌّ فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ غَيْرَ مَنْقُودٍ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ، وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀.
وَالثَّمَنُ غَيْرَ مَنْقُودٍ حَتَّى يَكُونَ أَمِينًا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ فَافْتَرَقَا (وَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ) يَعْنِي إنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ (ثُمَّ اخْتَلَفَا وَالْعَبْدُ حَيٌّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ حَيٌّ (فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ غَيْرَ مَنْقُودٍ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ هَذَا الْوَجْهُ مِنْ وُجُوهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْإِجْمَاعِ بَيْنَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَأْمُورَ (أَخْبَرَ عَمَّا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ فِي الْحَالِ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ) أَيْ فِي إخْبَارِهِ عَنْ ذَلِكَ (لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ) أَيْ فِي حَالِ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ، قَيَّدَ بِهِ، إذْ فِي حَالِ حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ حَالَ حَضْرَتِهِ (عَلَى مَا مَرَّ) أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّ فِيهِ عَزْلَ نَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ عَلَى مَا قِيلَ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ (بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَاخْتَلَفَا (عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ) يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ فِيمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ جَانِبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تُهْمَةٍ بِأَنْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً أَلْزَمَهَا الْآمِرَ.
أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: التُّهْمَةُ مُتَحَقِّقَةٌ فِي صُورَةِ الْمُعَيَّن أَيْضًا بِأَنْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ لَكِنْ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُوَافَقَةِ لِلْآمِرِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْمُخَالَفَةِ لَهُ، كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى أَوْ بِغَيْرِ النُّقُودِ أَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ الثَّانِي بِغَيْبَةِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمَّا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً قَالَ لِلْآمِرِ اشْتَرَيْته لَك بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُوَافَقَةِ لِلْآمِرِ. وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْمُخَالَفَةِ لَهُ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَمْلِكُهُ قَطْعًا عَلَى مَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ، فَمَا الدَّافِعُ لِهَذِهِ التُّهْمَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؟ ثُمَّ أَقُولُ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ: إنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute