وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ قَابِلٌ لِحُكْمِهِ، وَهُوَ الْمِلْكُ فَيَكُونُ مَحَلًّا لَهُ، وَكَوْنُهُ تَبَرُّعًا لَا يُبْطِلُهُ الشُّيُوعُ كَالْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ. وَلَنَا أَنَّ الْقَبْضَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْهِبَةِ فَيُشْتَرَطُ كَمَالُهُ وَالْمُشَاعُ لَا يَقْبَلُهُ إلَّا بِضَمِّ غَيْرِهِ إلَيْهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْهُوبٍ،
لِلتَّفْسِيرِ، فَهَلْ يَقُولُ الْعَاقِلُ إنَّ لَفْظَ التَّكَلُّمِ فِعْلُ الْمُخَاطَبِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ قَابِلٌ لِحُكْمِهِ وَهُوَ الْمِلْكُ فَيَكُونُ مَحَلًّا لَهُ، وَكَوْنُهُ تَبَرُّعًا لَا يُبْطِلُهُ الشُّيُوعُ كَالْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي حَلِّ هَذَا الْكَلَامِ: وَهَذَا: أَيْ جَوَازُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُشَاعَ قَابِلٌ لِحُكْمِهِ: أَيْ حُكْمِ عَقْدِ الْهِبَةِ وَهُوَ الْمِلْكُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِرْثِ وَكُلُّ مَا هُوَ قَابِلٌ لِحُكْمِ عَقْدٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَحَلِّيَّةَ عَيْنُ الْقَابِلِيَّةِ أَوْ لَازِمٌ مِنْ لَوَازِمِهَا فَكَانَ الْعَقْدُ صَادِرًا مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلِّهِ، وَلَا مَانِعَ ثَمَّةَ فَكَانَ جَائِزًا. فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ انْتِفَاءَ الْمَانِعِ فَإِنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشُّيُوعُ مُبْطِلًا؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ وَكَوْنُهُ تَبَرُّعًا: يَعْنِي لَمْ يَعْهَدْ ذَلِكَ مُبْطِلًا فِي التَّبَرُّعَاتِ كَالْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ بِأَنْ دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ قَرْضًا عَلَيْهِ وَيَعْمَلُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ بِشَرِكَتِهِ، وَبِأَنْ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّيُوعَ لَا يُبْطِلُ التَّبَرُّعَ حَتَّى يَكُونَ مَانِعًا. انْتَهَى كَلَامُهُ.
أَقُولُ: تَعَسُّفُ الشَّارِحِ الْمَذْكُورُ فِي بَيَانِهِ هَذَا مِنْ وُجُوهِ: الْأَوَّلِ أَنَّهُ جَعَلَ لَفْظَ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ عَقْدِ الْهِبَةِ فَيَقْتَضِي هَذَا أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ إلَخْ دَلِيلًا عَلَى أَصْلِ مُدَّعَى الشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ: تَجُوزُ فِي الْوَجْهَيْنِ فَيَكُونُ دَلِيلًا ثَانِيًا عَلَيْهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ: وَلِأَنَّ الْمُشَاعَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ. وَالثَّانِي أَنَّهُ ارْتَكَبَ تَقْدِيرَ مُقَدِّمَاتٍ حَيْثُ قَالَ: فَكَانَ الْعَقْدُ صَادِرًا مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلِّهِ، وَلَا مَانِعَ ثَمَّةَ فَكَانَ جَائِزًا، وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ جَعْلُهُ لَفْظَ هَذَا إشَارَةً إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute