للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: (وَمَنْ اسْتَأْجَرَ خَبَّازًا لِيَخْبِزَ لَهُ فِي بَيْتِهِ قَفِيزًا مِنْ دَقِيقٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَجْرَ حَتَّى يُخْرِجَ الْخُبْزَ مِنْ التَّنُّورِ)؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْعَمَلِ بِالْإِخْرَاجِ. فَلَوْ احْتَرَقَ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِلْهَلَاكِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، (فَإِنْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ احْتَرَقَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَلَهُ الْأَجْرُ)؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ بِالْوَضْعِ فِي بَيْتِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ. قَالَ: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ مِثْلَ دَقِيقِهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بَعْدَ حَقِيقَةِ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْخُبْزَ، وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ.

وَعَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ، وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَتَاعُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْخَيَّاطِ أَوْ الصَّبَّاغِ إيَّاهُ إلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ سَقَطَ الْأَجْرُ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَائِعِ إيَّاهُ إلَى الْمُشْتَرِي سَقَطَ الثَّمَنُ فَكَانَ ابْتِدَاءُ تَحَقُّقِ اسْتِيجَابِ الْأَجْرِ فِي اسْتِئْجَارِ نَحْوِ الْقَصَّارِ، وَالْخَيَّاطِ بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ وَتَقَرُّرُهُ بِتَسْلِيمِ الْمَتَاعِ إلَى صَاحِبِهِ كَمَا أَنَّ ابْتِدَاءَ تَحَقُّقِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ بِتَمَامِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ وَتَقَرُّرُهُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي ابْتِدَاءِ تَحْقِيقِ اسْتِيجَابِ الْأَجْرِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَلَيْسَ لِلْقَصَّارِ، وَالْخَيَّاطِ أَنْ يُطَالِبَ بِأُجْرَةٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الْعَمَلِ، وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يُسَلِّمَ الْمَتَاعَ إلَى صَاحِبِهِ، فَلَا بُدَّ فِي انْدِفَاعِ الْوَجْهِ الثَّانِي مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي أَوْرَدْنَاهَا عَلَى رَأْيِ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ مِنْ ثُبُوتِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَبَيْنَ مَا إذَا عَمِلَ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ مِنْ جِهَةِ تَحَقُّقِ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَلَيْسَ فَلَيْسَ فَتَأَمَّلْ تَرْشُدْ.

(قَوْلُهُ: مَنْ اسْتَأْجَرَ خَبَّازًا لِيَخْبِزَ لَهُ فِي بَيْتِهِ قَفِيزًا مِنْ دَقِيقٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَجْرَ حَتَّى يَخْرُجَ الْخُبْزُ مِنْ التَّنُّورِ) قَالَ فِي الْعِنَايَةُ: ذَكَرَ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>