للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّدُّ إلَى يَدِ نَائِبِ الْمَالِكِ، وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ يَصِيرُ الْحِفْظُ مَأْمُورًا بِهِ تَبَعًا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا مَقْصُودًا، فَإِذَا انْقَطَعَ الِاسْتِعْمَالُ لَمْ يَبْقَ هُوَ نَائِبًا فَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ وَهَذَا أَصَحُّ. قَالَ: (وَمَنْ اكْتَرَى حِمَارًا بِسَرْجٍ فَنَزَعَ السَّرْجَ وَأَسْرَجَهُ بِسَرْجٍ تُسْرَجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُمَاثِلُ الْأَوَّلَ تَنَاوَلَهُ إذْنُ الْمَالِكِ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّقْيِيدِ بِغَيْرِهِ إلَّا إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَيْهِ فِي الْوَزْنِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ (وَإِنْ كَانَ لَا تُسْرَجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ ضَمِنَ)؛ لِأَنَّهُ

وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَبِأَنْ قَالَ: وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ أَيْ الْفِعْلَ الْمُتَعَارَفَ. اهـ. أَقُولُ كُلٌّ مِنْ تَصَرُّفَيْهِ سَاقِطٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ كَوْنَ الْمُرَادِ بِالدُّخُولِ عَدَمَ الْخُرُوجِ لَا يَدْفَعُ التَّسَامُحَ فِي الْعِبَارَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ لَفْظِ الدُّخُولِ جِدًّا، فَإِرَادَةُ ذَلِكَ مِنْهُ عَيْنُ التَّسَامُحِ فِي الْعِبَارَةِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْمَعْهُودِ: أَيْ الْفِعْلِ الْمُتَعَارَفِ لَمْ يَتِمَّ الْجَوَابُ، إذْ الْفِعْلُ الْمُتَعَارَفُ مُطْلَقًا مُرَادٌ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ لَا دَاخِلٌ تَحْتَهُ، وَإِنَّمَا الدَّاخِلُ تَحْتَهُ الْفِعْلُ الْمُتَعَارَفُ الْمَخْصُوصُ وَهُوَ هَاهُنَا الْكَبْحُ الْمُتَعَارَفُ أَوْ الضَّرْبُ الْمُتَعَارَفُ، وَإِنْ أَرَادَ بِالْفِعْلِ الْمُتَعَارَفِ فِي التَّفْسِيرِ الْكَبْحَ الْمُتَعَارَفَ أَوْ الضَّرْبَ الْمُتَعَارَفَ دُونَ الْفِعْلِ الْمُتَعَارَفِ مُطْلَقًا احْتَاجَ إلَى تَفْسِيرٍ آخَرَ فِي تَبْيِينِ الْمُرَادِ، فَالْأَوْلَى مَا فِي الْعِنَايَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ يَصِيرُ الْحِفْظُ مَأْمُورًا بِهِ تَبَعًا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا مَقْصُودًا فَإِذَا انْقَطَعَ الِاسْتِعْمَالُ لَمْ يَبْقَ هُوَ نَائِبًا فَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ) فَإِنَّهُ لَمَّا جَاوَزَ الْحِيرَةَ صَارَ غَاصِبًا لِلدَّابَّةِ وَدَخَلَتْ الدَّابَّةُ فِي ضَمَانِهِ، وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ عَلَى مَنْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يُوجَدْ، كَذَا فِي الْكَافِي وَعَامَّةِ الشُّرُوحِ. وَنُوقِضَ بِغَاصِبِ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الرَّدُّ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ فِي النِّهَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الشُّرُوحِ بِأَنَّا نَزِيدُ فِي الْمَأْخَذِ فَنَقُولُ: إنَّمَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ إلَى أَحَدِ هَذَيْنِ أَوْ إلَى مَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبُ ضَمَانٍ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنْ قَبْلُ، وَالْغَاصِبُ الْأَوَّلُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبُ ضَمَانٍ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ، وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ إلَى الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى أَحَدِهِمَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ أَلْبَتَّةَ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا لِجَوَازِ أَنْ تَحْصُلَ الْبَرَاءَةُ بِسَبَبٍ آخَرَ.

وَالسَّبَبُ فِي غَاصِبِ الْغَاصِبِ هُوَ الرَّدُّ إلَى مَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبُ ضَمَانٍ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنْ قَبْلُ اهـ. أَقُولُ: يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِجَوَازِ أَنْ تَحْصُلَ الْبَرَاءَةُ بِسَبَبٍ آخَرَ مِمَّا يُنَافِيهِ الْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ عَلَى مَنْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَمَوْرِدُ النَّقْضِ لَيْسَ إلَّا الْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>