قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أُجْرَةِ عَسْبِ التَّيْسِ) وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ فَحْلًا لِيَنْزُوَ عَلَى الْإِنَاثِ لِقَوْلِهِ ﵊ «إنَّ مِنْ السُّحْتِ عَسْبَ التَّيْسِ» وَالْمُرَادُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ.
قَالَ: (وَلَا الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْأَذَانِ وَالْحَجِّ، وَكَذَا الْإِمَامَةُ وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ طَاعَةٍ يَخْتَصُّ بِهَا الْمُسْلِمُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵀ يَصِحُّ فِي كُلِّ مَا لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ غَيْرِ مُتَعَيَّنٍ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ. وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊
صَاحِبَ النِّهَايَةِ قَدْ فَسَّرَ قَوْلَهُ يُهَلُّ الْهِلَالُ بِقَوْلِهِ: أَيْ يُبْصَرُ الْهِلَالُ، فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ حِينَ يُهَلُّ الْهِلَالُ حِينَ يُبْصَرُ الْهِلَالُ وَهُوَ أَوَّلُ اللَّيْلَةِ مِنْ الشَّهْرِ قَطْعًا، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ تَفْسِيرَ مَعْنَى قَوْلِهِ حِينَ يُهَلُّ الْهِلَالُ، إذْ قَدْ عُلِمَ مَعْنَاهُ مِنْ تَفْسِيرِهِ السَّابِقِ قَطْعًا، بَلْ مُرَادُهُ بِذَلِكَ بَيَانُ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ حِينَ يُهَلُّ الْهِلَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ، وَهُوَ أَوَّلُ اللَّيْلَةِ مِنْ الشَّهْرِ لِتَعَسُّرِ كَوْنِ الْعَقْدِ فِيهِ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَعْنَاهُ الْعُرْفِيُّ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الشَّهْرِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا قَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَمْ يُرِدْ مُحَمَّدٌ ﵀ بِرَأْسِ الشَّهْرِ فِي قَوْلِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ رَأْسَ الشَّهْرِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ، وَهُوَ السَّاعَةُ الَّتِي يَهُلُّ فِيهَا الْهِلَالُ بَلْ رَأْسُ الشَّهْرِ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَهُوَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُهَلُّ فِيهَا الْهِلَالُ وَيَوْمُهَا فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute