فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَتُعْتَبَرُ لِمَنْعِ الزِّيَادَةِ وَتُعْتَبَرُ التَّسْمِيَةُ الثَّانِيَةُ لِمَنْعِ النُّقْصَانِ، فَإِنْ خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يُجَاوَزُ بِهِ نِصْفُ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ بِالتَّأْخِيرِ إلَى الْغَدِ فَبِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ إلَى مَا بَعْدَ الْغَدِ أَوْلَى (وَلَوْ قَالَ: إنْ سَكَّنْتَ فِي هَذَا الدُّكَّانِ عَطَّارًا فَبِدِرْهَمٍ فِي الشَّهْرِ، وَإِنْ سَكَّنْتَهُ حَدَّادًا فَبِدِرْهَمَيْنِ جَازَ، وَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ فَعَلَ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ بَيْتًا عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكَّنَ فِيهِ عَطَّارًا فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ سَكَّنَ فِيهِ حَدَّادًا فَبِدِرْهَمَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَا: لَا يَجُوزُ).
(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْحِيرَةِ بِدِرْهَمٍ وَإِنْ جَاوَزَ بِهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَبِدِرْهَمَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَيُحْتَمَلُ الْخِلَافُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى الْحِيرَةِ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَمَلَ عَلَيْهَا كُرَّ شَعِيرٍ فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا كُرَّ حِنْطَةٍ فَبِدِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀. وَقَالَا: لَا يَجُوزُ) وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ، وَكَذَا الْأَجْرُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَالْجَهَالَةُ تُوجِبُ الْفَسَادَ، بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ الرُّومِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ بِالْعَمَلِ وَعِنْدَهُ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ.
أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَجِبُ الْأَجْرُ بِالتَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَتَبْقَى الْجَهَالَةُ، وَهَذَا الْحَرْفُ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ عَقْدَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفِينَ فَيَصِحُّ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الرُّومِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ سُكْنَاهُ بِنَفْسِهِ يُخَالِفُ إسْكَانَهُ الْحَدَّادَ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي مُطْلَقِ الْعَقْدِ وَكَذَا فِي أَخَوَاتِهَا،
فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَتُعْتَبَرُ لِمَنْعِ الزِّيَادَةِ، وَتُعْتَبَرُ التَّسْمِيَةُ الثَّانِيَةُ لِمَنْعِ النُّقْصَانِ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ تَمْنَعُ الزِّيَادَةَ عِنْدَنَا وَلَا تَمْنَعُ النُّقْصَانَ أَصْلًا، بَلْ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْمُسَمَّى فَمَا مَعْنَى أَنْ تُعْتَبَرَ التَّسْمِيَةُ الثَّانِيَةُ هَاهُنَا لِمَنْعِ النُّقْصَانِ، وَهَلَّا هَذَا مُخَالِفًا لِمَا تَقَرَّرَ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَجِبُ الْأَجْرُ بِالتَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَتَبْقَى الْجَهَالَةُ، وَهَذَا الْحَرْفُ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا) قَالَ صَاحِبُ التَّسْهِيلِ: يَرُدُّ عَلَى أَصْلِهِمَا مَسْأَلَةُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ مَسَافَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، فَإِنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ بِالتَّسْلِيمِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ فَيَلْزَمُ أَنْ يَفْسُدَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ ثَمَّةَ عِنْدَهُمَا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وِفَاقًا إلَّا عِنْدَ زُفَرَ، انْتَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute