للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالْأَوَّلِ فِي الْكِتَابَةِ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْعِتْقَ أَسْرَعُ نُفُوذًا مِنْ الْكِتَابَةِ، حَتَّى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَاتَبَ كَانَ لِلْآخَرِ فَسْخُهُ، وَإِذَا أَعْتَقَ لَا يَكُونُ لَهُ فَسْخُهُ.

قَالَ (وَإِذَا اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِهِ دَخَلَ وَلَدُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا) وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدُهَا، أَمَّا دُخُولُ الْوَلَدِ فِي الْكِتَابَةِ فَلِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَمَّا امْتِنَاعُ بَيْعِهَا فَلِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْوَلَدِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، قَالَ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدُهَا فَكَذَا الْجَوَابُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

الْأَصْلَ (قَوْلُهُ وَإِذَا اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِهِ دَخَلَ وَلَدُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدُهَا.

وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي شَرْحِ الْمَقَامِ: امْرَأَةُ الْمُكَاتَبِ الْقِنَّةُ إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا الْمُكَاتَبُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَمَلَكَهَا فَإِنْ مَلَكَهَا مَعَ الْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِالِاتِّفَاقِ. أَقُولُ: فِي عِبَارَتِهِ خَلَلٌ، لِأَنَّ الْقِنَّةَ بِالتَّاءِ فِي وَصْفِ الْمَرْأَةِ تُخَالِفُ اللُّغَةَ، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ عَامَّةً أَنَّ لَفْظَ الْقِنِّ يَسْتَوِي فِيهِ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ حَيْثُ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ: وَأَمَّا أَمَةٌ قِنَّةٌ فَلَمْ أَسْمَعْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا امْتِنَاعُ بَيْعِهَا فَلِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْوَلَدِ فِي هَذَا الْحُكْمِ قَالَ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا») قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ: فَإِنْ قُلْت: إذَا ثَبَتَ لِلْوَلَدِ حَقِيقَةُ الْحُرِّيَّةِ يَثْبُتُ لِلْأُمِّ حَقُّهَا وَهَاهُنَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ لِلْأُمِّ حَقُّهَا تَحْقِيقًا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهَا عَنْ الْوَلَدِ. قُلْت: لِلْكِتَابَةِ أَحْكَامٌ: مِنْهَا عَدَمُ جَوَازِ الْبَيْعِ فَيَثْبُتُ لِلْأُمِّ هَذَا الْحُكْمُ دُونَ الْكِتَابَةِ تَحْقِيقًا لِانْحِطَاطِ الرُّتْبَةِ.

فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَا تَصِيرُ مُكَاتَبَةً تَبَعًا لِلْوَلَدِ؟ قُلْت: لِأَنَّ الْعَقْدَ مَا وَرَدَ عَلَيْهَا اهـ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ عَدَمَ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لَا يَقْتَضِي أَنْ لَا تَصِيرَ مُكَاتَبَةً تَبَعًا لِلْوَلَدِ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي أَنْ لَا تَصِيرَ مُكَاتَبَةً أَصَالَةً، أَلَا يُرَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَى أَبَاهُ دَخَلَ أَبُوهُ فِي كِتَابَتِهِ وَيَصِيرُ مُكَاتَبًا تَبَعًا لِوَلَدِهِ كَمَا مَرَّ، مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ مَا وَرَدَ عَلَى الْأَبِ هُنَاكَ أَيْضًا قَطْعًا. فَالصَّوَابُ فِي الْجَوَابِ عَنْ السُّؤَالِ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا لَا تَصِيرُ مُكَاتَبَةً تَبَعًا لِوَلَدِهِ تَحْقِيقًا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهَا عَنْ وَلَدِهَا فِي حَقِّ الْحُرِّيَّةِ، أَلَا يُرَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ حُرَّةً فِي الْحَالِ تَبَعًا لِحُرِّيَّةِ وَلَدِهَا فِي الْحَالِ بَلْ يَثْبُتُ لَهَا عِتْقٌ مُؤَجَّلٌ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، فَكَذَا لَا تَصِيرُ مُكَاتَبَةً تَبَعًا لِوَلَدِهَا بَلْ يَثْبُتُ لَهَا بَعْضُ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْجَوَابِ عَنْ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا مَلَكَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>