للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا، وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) لِأَنَّهَا تَلَقَّتْهَا جِهَتَا حُرِّيَّةٍ عَاجِلَةٌ بِبَدَلٍ وَآجِلَةٌ بِغَيْرِ بَدَلٍ فَتُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَنَسَبُ وَلَدِهَا ثَابِتٌ مِنْ الْمَوْلَى وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُ الْإِعْتَاقَ فِي وَلَدِهَا وَمَا لَهُ مِنْ الْمِلْكِ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ بِالدَّعْوَةِ. وَإِذَا مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ الْعُقْرَ مِنْ مَوْلَاهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِنَفْسِهَا وَبِمَنَافِعِهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا.

ثُمَّ إنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ وَتَرَكَتْ مَالًا تُؤَدَّى مِنْهُ مُكَاتَبَتُهَا وَمَا بَقِيَ مِيرَاثٌ لِابْنِهَا جَرْيًا عَلَى مُوجَبِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ مَالًا فَلَا سِعَايَةَ

قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ).

قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ، فَإِنْ قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ لِأَنَّ الْأَكْسَابَ تُسَلَّمُ لَهَا وَكَذَا أَوْلَادُهَا الَّتِي اشْتَرَاهَا بَعْدُ لِلْكِتَابَةِ وَهَذَا آيَةُ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ. قُلْت: الْكِتَابَةُ تُشْبِهُ الْمُعَاوَضَةَ، وَبِالنَّظَرِ إلَى ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الْبَدَلُ وَتُشْبِهُ الشَّرْطَ، وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ يَسْقُطُ، أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ فَلَمَّا عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ بَطَلَتْ جِهَةُ الْكِتَابَةِ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ وَقُلْنَا بِسَلَامَةِ الْأَكْسَابِ عَمَلًا بِجِهَةِ الْمُعَاوَضَةِ، وَقُلْنَا بِسُقُوطِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَمَلًا بِجِهَةِ الشَّرْطِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَقَدْ اقْتَفَى أَثَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَالشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ فِي هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ. أَقُولُ: فِي الْجَوَابِ نَظَرٌ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ مِرَارًا أَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّبَهَيْنِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ، وَهَاهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ جِهَةَ كَوْنِ الْكِتَابَةِ مُعَاوَضَةً تَسْتَلْزِمُ عَدَمَ سُقُوطِ الْبَدَلِ، وَجِهَةَ كَوْنِهَا شَرْطًا تَسْتَلْزِمُ سُقُوطَهُ، وَهُمَا: أَيْ السُّقُوطُ وَعَدَمُهُ مُتَنَافِيَانِ قَطْعًا لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَتَنَافِي اللَّازِمَيْنِ يُوجِبُ تَنَافِي الْمَلْزُومَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا كَذَلِكَ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّبَهَيْنِ لَوْ تُصُوِّرَ هَاهُنَا فَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُشَابِهُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ وَالشَّرْطِ، لَا عِنْدَ بُطْلَانِهَا لِأَنَّهُ يَنْتَفِي حِينَئِذٍ مَحِلُّ الْمُشَابَهَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَمَا مَعْنَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحِ: فَلَمَّا عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ بَطَلَتْ جِهَةُ الْكِتَابَةِ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ.

وَقُلْنَا بِسَلَامَةِ الْأَكْسَابِ عَمَلًا بِشَبَهِ الْمُعَاوَضَةِ، وَقُلْنَا بِسُقُوطِ الْكِتَابَةِ عَمَلًا بِشَبَهِ الشَّرْطِ. ثُمَّ أَقُولُ: الْحَقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>