عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حُرٌّ، وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ لَمْ يَلْزَمْ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ يَدَّعِ وَمَاتَتْ مِنْ غَيْرِ وَفَاءٍ سَعَى هَذَا الْوَلَدُ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ تَبَعًا لَهَا، فَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ وَبَطَلَ عَنْهُ السِّعَايَةُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ إذْ هُوَ وَلَدُهَا فَيَتْبَعُهَا.
قَالَ (وَإِذَا كَاتَبَ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ جَازَ) لِحَاجَتِهَا إلَى اسْتِفَادَةِ الْحُرِّيَّةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ، وَلَا يُنَافِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ تَلَقَّتْهَا جِهَتَا حُرِّيَّةٍ (فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ) لِتَعَلُّقِ عِتْقِهَا بِمَوْتِ السَّيِّدِ (وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إيجَابِ الْبَدَلِ الْعِتْقُ عِنْدَ الْأَدَاءِ، فَإِذَا عَتَقَتْ قَبْلَهُ لَمْ يُمْكِنْ تَوْفِيرُ الْغَرَضِ عَلَيْهِ فَسَقَطَ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ لِامْتِنَاعِ إبْقَائِهَا بِغَيْرِ فَائِدَةٍ،
فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بِقَوْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ تُسَلَّمُ لَهَا الْأَكْسَابُ وَالْأَوْلَادُ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ فِي حَقِّ الْبَدَلِ وَبَقِيَتْ فِي حَقِّ الْأَكْسَابِ وَالْأَوْلَادِ، لِأَنَّ الْفَسْخَ لِنَظَرِهَا وَالنَّظَرُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَإِذَا كَاتَبَ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ جَازَ لِحَاجَتِهَا إلَى اسْتِفَادَةِ الْحُرِّيَّةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ، وَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ تَلَقَّتْهَا جِهَتَا حُرِّيَّةٍ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: لَا يُقَالُ أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ بِبَدَلٍ وَالْآخَرُ بِلَا بَدَلٍ وَالْعِتْقُ الْوَاحِدُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا فَكَانَا مُتَنَافِيَيْنِ، لِأَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِمَا جِهَتَيْ عِتْقٍ تَلَقَّتَاهَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ انْتَهَى. وَرَدَّ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ قَوْلَهُ وَالْعِتْقُ الْوَاحِدُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا فَكَانَا مُتَنَافِيَيْنِ بِأَنْ قَالَ: إنْ أَرَادَ الْوَحْدَةَ الشَّخْصِيَّةَ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، كَيْفَ وَفِي الْعِتْقِ بِالْكِتَابَةِ تُسَلَّمُ لَهَا الْأَكْسَابُ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ أَرَادَ النَّوْعِيَّةَ فَلَا تَنَافِي انْتَهَى.
أَقُولُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ بِشِقَّيْهِ. أَمَّا شِقُّهُ الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَالْعِتْقُ الْوَاحِدُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا الْوَحْدَةُ الشَّخْصِيَّةُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلَا مَجَالَ لِعَدَمِ تَسْلِيمِهِ، لِأَنَّهُ مَا قَالَ الْعِتْقُ الْوَاحِدُ يَثْبُتُ بِهِمَا حَتَّى لَا يَسْلَمَ ذَلِكَ وَيُجْعَلَ اخْتِلَافُ الْعِتْقِ بِالْكِتَابَةِ، وَالْعِتْقِ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ فِي اللَّوَازِمِ سَنَدًا لِمَنْعِ ذَلِكَ، بَلْ قَالَ: الْعِتْقُ الْوَاحِدُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا، وَعَدَمُ ثُبُوتِ الْعِتْقِ الْوَاحِدِ الشَّخْصِيِّ بِالسَّبَبَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي اللَّوَازِمِ أَمْرٌ جَلِيٌّ لَا يَقْبَلُ الْمَنْعَ، وَمَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ فِي مَعْرِضِ السَّنَدِ بِقَوْلِهِ كَيْفَ وَفِي الْعِتْقِ بِالْكِتَابَةِ إلَخْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَنَدًا لِمَنْعِ ذَلِكَ، بَلْ إنَّمَا يَكُونُ عِلَّةً لِسُقُوطِ الْمَنْعِ عَنْهُ.
وَأَمَّا شِقُّهُ الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَلَا تَنَافِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ أَرَادَ النَّوْعِيَّةَ فَلَا تَنَافِي أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الِاجْتِمَاعُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، كَيْفَ وَالْعِتْقُ بِالْكِتَابَةِ يَسْتَلْزِمُ سَلَامَةَ الْأَكْسَابِ لَهَا، بِخِلَافِ الْعِتْقِ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ فَأَنَّى يَجْتَمِعَانِ مَعًا، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute