للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُمَا أَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ الْعَجْزُ، لِأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ وَاحِدٍ يَكُونُ أَعْجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَجْمَيْنِ، وَهَذَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمَوْلَى الْوُصُولُ إلَى الْمَالِ عِنْدَ حُلُولِ نَجْمٍ وَقَدْ فَاتَ فَيُفْسَخُ إذَا لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِدُونِهِ، بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا لِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ فَلَمْ يَكُنْ تَأْخِيرًا، وَالْآثَارُ مُتَعَارِضَةٌ، فَإِنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مُكَاتَبَةً لَهُ عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ وَاحِدٍ فَرَدَّهَا فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهَا.

قَالَ (فَإِنْ أَخَلَّ بِنَجْمٍ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ فَعَجَزَ فَرَدَّهُ مَوْلَاهُ بِرِضَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُفْسَخُ بِالتَّرَاضِي مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَبِالْعُذْرِ أَوْلَى (وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْعَبْدُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ تَامٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ.

الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ الْعَجْزُ، لِأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ وَاحِدٍ يَكُونُ أَعْجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَجْمَيْنِ) أَقُولُ: فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ دَلِيلَهُمَا هَذَا لَا يَتَمَشَّى فِي صُورَةِ إنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ آخِرِ النُّجُومِ الَّتِي تَوَافَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَدَّى سَائِرَ النُّجُومِ بِأَسْرِهَا، إذْ لَا يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ سِوَى أَدَاءِ نَجْمٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ نَجْمَانِ عِنْدَ إمْهَالِهِ مُدَّةَ نَجْمٍ فَيَكُونَ أَعْجَزَ عَنْ أَدَائِهِمَا بَلْ يَكُونَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُؤَدِّيَ نَجْمًا وَاحِدًا فِي ضِعْفِ مُدَّتِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ أَيْسَرُ لَهُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ .

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ تَأَمُّلٌ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ يَقْبِضُهُ أَوْ مَالٌ يَقْدُمُ عَلَيْهِ لَا نُسَلِّمُ هَذِهِ الشَّرْطِيَّةَ انْتَهَى.

أَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ هَذِهِ الشَّرْطِيَّةُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ فِي قَوْلِهِ مَنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ وَاحِدٍ مَوْصُولَةٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ يَكُونُ أَعْجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَجْمَيْنِ خَبَرُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ فَلَا شَرْطَ وَلَا جَزَاءَ فِي الْكَلَامِ حَتَّى تَكُونَ الْجُمْلَةُ شَرْطِيَّةً (قَوْلُهُ وَالْآثَارُ مُتَعَارِضَةٌ، فَإِنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مُكَاتَبَةً لَهُ عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ وَاحِدٍ فَرَدَّهَا فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهَا) هَذَا جَوَابٌ عَنْ اسْتِدْلَالِ أَبِي يُوسُفَ بِأَثَرِ عَلِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>