للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا تَزَوَّجَتْ مُعْتَقَةً بِعَبْدٍ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَجَنَى الْأَوْلَادُ فَعَقْلُهُمْ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ) لِأَنَّهُمْ عَتَقُوا تَبَعًا لِأُمِّهِمْ وَلَا عَاقِلَةَ لِأَبِيهِمْ وَلَا مَوْلَى، فَأُلْحِقُوا بِمَوَالِي الْأُمِّ ضَرُورَةً كَمَا فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ الْأَوْلَادِ إلَى نَفْسِهِ) لِمَا بَيَّنَّا (وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ بِمَا عَقَلُوا) لِأَنَّهُمْ حِينَ عَقَلُوهُ كَانَ الْوَلَاءُ ثَابِتًا لَهُمْ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْأَبِ مَقْصُودًا لِأَنَّ سَبَبَهُ مَقْصُودٌ وَهُوَ الْعِتْقُ، بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ إذَا عَقَلَ عَنْهُ قَوْمُ الْأُمِّ ثُمَّ أَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ حَيْثُ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ النَّسَبَ هُنَالِكَ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَكَانُوا مَجْبُورِينَ عَلَى

وَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبَ لِتَعَذُّرِ إضَافَةِ الْعُلُوقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِاسْتِحَالَتِهِ مِنْ الْمَيِّتِ وَإِلَى مَا بَعْدَ الطَّلَاقِ.

أَمَّا إذَا كَانَ بَائِنًا فَلِحُرْمَةِ الْوَطْءِ بَعْدَهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ رَجْعِيًّا فَلِئَلَّا يَصِيرَ مُرَاجِعًا بِالشَّكِّ فَأُسْنِدَ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ فَكَانَ الْحَمْلُ مَوْجُودًا عِنْدَ إعْتَاقِ الْأُمِّ فَعَتَقَ مَقْصُودًا فَلَا يَنْتَقِلُ انْتَهَى. وَأَدَّى صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَيْضًا هَذَا الْمَعْنَى وَلَكِنْ بِطَرِيقِ النَّقْضِ، وَالْجَوَابِ حَيْثُ قَالَ: وَنُوقِضَ قَوْلُهُ فَإِذَا صَارَ أَهْلًا عَادَ الْوَلَاءُ إلَيْهِ بِمَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ بِأَنْ كَانَتْ الْأَمَةُ امْرَأَةَ مُكَاتَبٍ فَمَاتَ عَنْ وَفَاءٍ أَوْ أُعْتِقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ حَيْثُ يَكُونُ الْوَلَدُ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُمْ وَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَوْدَ إلَيْهِ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِهَذَا الْعِتْقِ لِلْأَبِ أَهْلِيَّةٌ لِتَعَذُّرِ إضَافَةِ الْعُلُوقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَى مَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِمَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالشَّكِّ، لِأَنَّهَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الطَّلَاقِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ فَيَحْتَاجَ إلَى إثْبَاتِهَا لِيَثْبُتَ النَّسَبُ، وَإِذَا تَعَذَّرَ إضَافَتُهُ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ أُسْنِدَ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ فَكَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَعَتَقَ مَقْصُودًا، وَمَنْ عَتَقَ مَقْصُودًا لَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ كَمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى كَلَامُهُ.

أَقُولُ: مَدَارُ كَلَامِهِمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ إلَخْ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ فَإِذَا صَارَ أَهْلًا عَادَ الْوَلَاءُ إلَيْهِ، لَكِنَّهُ مَحَلُّ بَحْث، فَإِنَّ الْعَوْدَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا ثَبَتَ الْوَلَاءُ أَوَّلًا لِمَوَالِي الْأُمِّ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَوَالِي الْأَبِ بِصَيْرُورَتِهِ أَهْلًا، وَهَذَا إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ عِتْقُ الْأُمِّ عَلَى عِتْقِ الْأَبِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ عِتْقَ الْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى عِتْقِ الْأُمِّ فِي صُورَةِ إنْ عَتَقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ، إذْ لَا مَجَالَ لِإِحْدَاثِ الْعِتْقِ فِي الْمَيِّتِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَاتِيكَ الصُّورَةِ الْعَوْدُ أَصْلًا فَلَا يُتَوَهَّمُ بِهَا النَّقْضُ رَأْسًا عَلَى قَوْلِهِ فَإِذَا صَارَ أَهْلًا عَادَ الْوَلَاءُ إلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى دَفْعِهِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ، وَبِالْجُمْلَةِ لَا مِسَاسَ لِتِلْكَ الصُّورَةِ أَصْلًا بِمَسْأَلَةِ انْتِقَالِ الْوَلَاءِ بِالْجَرِّ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ هُنَاكَ أَنْ يَقَعَ عِتْقُ الْأَبِ بَعْدَ عِتْقِ الْأُمِّ فَتَصِيرَ مَظِنَّةَ النَّقْضِ بِهَا عَلَى مَسْأَلَةِ جَرِّ الْوَلَاءِ فَيَحْسُنُ تَدَارُكُ دَفْعِهِ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ تَدَارَكَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ رَبْطَ الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْضًا بِمَا نَحْنُ فِيهِ حَيْثُ قَالَ فِي تَصْوِيرِهَا: بِأَنْ كَانَتْ الْأَمَةُ امْرَأَةَ مُكَاتَبٍ فَمَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فَأَدَّى إلَى تَأَخُّرِ عِتْقِ الْأَبِ عَنْ عِتْقِ الْأُمِّ. قُلْت: لَا يَتَيَسَّرُ التَّأَخُّرُ فِيمَا قَالَهُ أَيْضًا، إذْ قَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ أَنَّ فِي الْمُكَاتَبِ الَّذِي مَاتَ عَنْ وَفَاءِ قَوْلَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ أَنَّهُ يُعْتَقُ فِي آخِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>