وَالْفَسَادُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّرَاضِي فَصَارَ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ عِنْدَ الْقَبْضِ، حَتَّى لَوْ قَبَضَهُ وَأَعْتَقَهُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفًا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ جَازَ، وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ كَمَا فِي سَائِرِ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ وَبِإِجَازَةِ الْمَالِكِ يَرْتَفِعُ الْمُفْسِدُ وَهُوَ الْإِكْرَاهُ وَعَدَمُ الرِّضَا فَيَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْبَائِعِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ سَائِرِ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِيهَا لِحَقِّ الشَّرْعِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي حَقُّ الْعَبْدِ وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ، أَمَّا هَاهُنَا الرَّدُّ لِحَقِّ الْعَبْدِ وَهُمَا سَوَاءٌ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْأَوَّلِ لِحَقِّ الثَّانِي.
قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَمَنْ جَعَلَ الْبَيْعَ الْجَائِزَ الْمُعْتَادَ بَيْعًا فَاسِدًا يَجْعَلُهُ كَبَيْعِ الْمُكْرَهِ حَتَّى يَنْقَضِ بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ الْفَسَادَ لِفَوَاتِ الرِّضَا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ رَهْنًا لِقَصْدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ بَاطِلًا اعْتِبَارًا بِالْهَازِلِ وَمَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ ﵏ جَعَلُوهُ بَيْعًا جَائِزًا مُفِيدًا بَعْضَ الْأَحْكَامِ
يُعْدِمُ الرِّضَا بَعْضُ الدَّلِيلِ بِمَنْزِلَةِ الْكُبْرَى مِنْ غَيْرِ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ فَعَطْفُ قَوْلِهِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ إلَخْ عَلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ مِنْ الدَّلِيلِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى، مَعَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ دَلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ فِي حَقِّ فَسَادِ الْإِقْرَارِ بِالْإِكْرَاهِ غَيْرُ مُسْتَمَدٍّ بِمُقَدِّمَةٍ مِنْ الدَّلِيلِ السَّابِقِ كَمَا يُفْصِحُ عَنْهُ التَّقْرِيرُ الْمَذْكُورُ فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَجْمُوعِ الدَّلِيلِ السَّابِقِ لَا عَلَى بَعْضِهِ، وَالذَّوْقُ الصَّحِيحُ يَشْهَدُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ كُلَّهُ تَدَبَّرْ تَرْشُدْ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ بَاطِلًا اعْتِبَارًا بِالْهَازِلِ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُ مَعْنَى الْهَزْلِ أَنَّ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ هَازِلًا اهـ، أَقُولُ: لَمْ يَقُلْ مَنْ جَعَلَهُ بَاطِلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute