للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي إكْرَاهِ الْمَجُوسِيِّ عَلَى ذَبْحِ شَاةِ الْغَيْرِ يَنْتَقِلُ الْفِعْلُ إلَى الْمُكْرَهِ فِي الْإِتْلَافِ دُونَ الذَّكَاةِ حَتَّى يَحْرُمَ كَذَا هَذَا.

قَالَ (وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ فَفَعَلَ وَقَعَ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ. قَالَ (وَيَرْجِعُ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ صَلَحَ آلَةً لَهُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ فَيُضَافُ إلَيْهِ

السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَبَبٌ يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهُ، إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَوَسَّطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ عِلَّةٌ، فَمَا لَمْ تَتَحَقَّقْ تِلْكَ الْعِلَّةُ لَا يَتَحَقَّقُ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِ السَّبَبِ، وَهَذَا أَيْضًا مَعَ كَوْنِهِ مُقَرَّرًا فِي عِلْمِ الْأُصُولِ مَفْهُومٌ مِنْ نَفْسِ مَعْنَى السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّ الْإِيصَالَ فِي الْجُمْلَةِ كَيْفَ يَسْتَلْزِمُ تَحَقُّقَ الْحُكْمِ، وَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ فِي الْجَوَابِ لَيْسَ فِي مَعْرِضِ التَّعْلِيلِ لِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ بَلْ هُوَ مَسُوقٌ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ، فَتَحَقُّقُ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْحُكْمِ هُنَاكَ لَا يَقْتَضِي قِيَامَ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي كُلِّ صُورَةٍ عَلَى حِدَةٍ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ حَدِيثَ خُبَيْبٍ دَلِيلًا عَلَى بَقَاءِ الْحُرْمَةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بَعْدَ أَنْ نَفَى حُكْمَهُ وَهُوَ الْغَضَبُ، فَإِنَّ خُبَيْبًا لَمَّا أُكْرِهَ عَلَى إظْهَارِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ فَصَبَرَ وَلَمْ يُظْهِرْهَا حَتَّى قُتِلَ مَدَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ حَيْثُ سَمَّاهُ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ وَقَالَ «هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ» وَلَوْ لَمْ تَبْقَ الْحُرْمَةُ أَبَدًا فِي إظْهَارِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ لَمَا وَسِعَهُ الصَّبْرُ عَلَى مَا تُوُعِّدَ بِهِ مِنْ الْقَتْلِ، وَلَمَا اسْتَحَقَّ الْمَدْحَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ فِي الِامْتِنَاعِ عَنْ الْمُبَاحِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إعَانَةَ الْغَيْرِ عَلَى إهْلَاكِ نَفْسِهِ وَهِيَ حَرَامٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَأْثَمَ بِذَلِكَ كَمَا فِي حَالَةِ الْمَخْمَصَةِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ صَلَحَ آلَةً لَهُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ فَيُضَافُ إلَيْهِ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَمَنَعَ صَلَاحِيَّتَهُ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ يَثْبُتُ فِي ضِمْنِ التَّلَفُّظِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ آلَةً لَهُ فِي حَقِّ التَّلَفُّظِ فَكَذَا فِي حَقِّ مَا يَثْبُتُ فِي ضِمْنِهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إتْلَافٌ وَهُوَ يَصْلُحُ آلَةً لَهُ فِيهِ، وَالتَّلَفُّظُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي إعْتَاقِ الصَّبِيِّ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ آلَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِتْلَافِ دُونَ التَّلَفُّظِ اهـ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الِانْفِكَاكَ فِي إعْتَاقِ الصَّبِيِّ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ ثُبُوتِ التَّلَفُّظِ بِدُونِ ثُبُوتِ الْإِعْتَاقِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْإِعْتَاقِ فِي ضِمْنِ التَّلَفُّظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>