قَالَ (وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، إلَّا أَنْ يُكْرِهَهُ السُّلْطَانُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْحُدُودِ.
أَنَّ السِّعَايَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ لِلتَّخْرِيجِ إلَى الْحُرِّيَّةِ، إذْ لَا تَخْرِيجَ إلَى الْحُرِّيَّةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لِمَا ذَكَرُوا أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ خَرَجَ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالْإِعْتَاقِ فَلَا يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ إلَيْهَا ثَانِيًا فَلَزِمَ أَنْ لَا يَتِمَّ قَوْلُ تَاجِ الشَّرِيعَةِ وَصَاحِبِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا فِي ذَيْلِ شَرْحِ هَذَا الْمَحِلِّ، وَهَذَا الْقَدْرُ مِنْ التَّعْلِيلِ كَافٍ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ سَالِمٌ عَنْ النَّقْضِ.
وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِهِمَا فَمُنْتَقِضٌ بِمَا إذَا أَعْتَقَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ عِنْدَهُمَا وَقَدْ أَعْتَقَ مِلْكَهُ وَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ فَيُزَادُ لَهُمَا فِي التَّعْلِيلِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ انْتَهَى تَأَمَّلْ تَفْهَمْ
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ إلَّا أَنْ يُكْرِهَهُ السُّلْطَانُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَا يَجِبُ الْحَدُّ) وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْإِكْرَاهِ كَوْنُهُ مُلْجِئًا وَذَلِكَ بِقُدْرَةِ الْمُكْرِهِ عَلَى الْإِيقَاعِ وَخَوْفِ الْمُكْرَهِ الْوُقُوعَ كَمَا مَرَّ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ أَكْثَرُ تَحَقُّقًا، لِأَنَّ السُّلْطَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ فَهُوَ ذُو أَنَاةٍ فِي أَمْرِهِ وَغَيْرُهُ يَخَافُ الْفَوْتَ بِالِالْتِجَاءِ إلَى السُّلْطَانِ فَيُعَجِّلُ فِي الْإِيقَاعِ.
وَوَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الْمُكْرَهَ يَعْجَزُ عَنْ دَفْعِ السُّلْطَانِ عَنْ نَفْسِهِ إذْ لَيْسَ فَوْقَهُ مَنْ يَلْتَجِئُ إلَيْهِ وَيَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ اللِّصِّ بِالِالْتِجَاءِ إلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ اتَّفَقَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ نَادِرٌ لَا حُكْمَ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ.
أَقُولُ: يَتَّجِهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ قِبَلِ أَبِي حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute