وَيَصِيرُ الْعَبْدُ نَائِبًا عَنْهُ وَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْكِتَابَةِ سَفِيرٌ. .
قَالَ (وَلَا يُعْتِقُ عَلَى مَالٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْكِتَابَةَ فَالْإِعْتَاقُ أَوْلَى
(وَلَا يُقْرِضُ)؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ كَالْهِبَةِ
(وَلَا يَهَبُ بِعِوَضٍ وَلَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَكَذَا لَا يَتَصَدَّقُ)؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَبَرُّعٌ بِصَرِيحِهِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً أَوْ ابْتِدَاءً فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ. قَالَ (إلَّا أَنْ يُهْدِيَ الْيَسِيرَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ يُضَيِّفَ مَنْ يُطْعِمُهُ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ اسْتِجْلَابًا لِقُلُوبِ الْمُجَاهِزِينَ، بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهُ أَصْلًا فَكَيْفَ يَثْبُتُ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إذَا أَعْطَاهُ الْمَوْلَى قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ عَلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْطَاهُ قُوتَ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَكَلُوهُ قَبْلَ الشَّهْرِ يَتَضَرَّرُ بِهِ
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الضَّرَرَ اللَّاحِقَ بِالْمَوْلَى يَمْنَعُ الْإِذْنَ وَقَدْ يَتَضَرَّرُ الْمَوْلَى بِغَيْرِ مَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ عَالِمًا بِالتِّجَارَةِ فِي الْبَزِّ دُونَ الْخَزِّ. أُجِيبُ بِأَنَّهُ ضَرَرٌ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ، وَلَئِنْ كَانَ فَلَهُ مَدْفَعٌ وَهُوَ التَّوْكِيلُ بِهِ عَلَى أَنَّ جَوَازَ التَّصَرُّفِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَدْفَعُ ذَلِكَ وَبِالْجُمْلَةِ إذَا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِأَهْلِيَّتِهِ وَمَالِكِيَّتِهِ فَلَيْسَ السُّؤَالُ وَارِدًا، إلَى هُنَا كَلَامُهُ. أَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ وَبِالْجُمْلَةِ إلَخْ لَيْسَ بِشَيْءٍ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ حَاصِلَ السُّؤَالِ أَنَّهُ قَدْ يَلْحَقُ الضَّرَرُ بِالْمَوْلَى عِنْدَ تَصَرُّفِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ مَا خَصَّهُ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ ثُبُوتَ كَوْنِ الْعَبْدِ مُتَصَرِّفًا بِأَهْلِيَّتِهِ وَمَالِكِيَّتِهِ لَا يَدْفَعُ وُرُودَ ذَلِكَ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ بِأَهْلِيَّتِهِ وَمَالِكِيَّتِهِ لَا يَمْلِكُ الْإِضْرَارَ بِالْغَيْرِ، إذْ لَا إضْرَارَ فِي الْإِسْلَامِ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ يَرُدُّ السُّؤَالَ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ لَا مَحَالَةَ، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَنْسَدَّ بَابُ الْمُعَارَضَةِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى خِلَافِ مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ الدَّلِيلَ مَعَ أَنَّهَا طَرِيقٌ مَقْبُولٌ لَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ السُّؤَالَ الْمَزْبُورَ مُعَارَضَةٌ، فَالْوَجْهُ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ جَوَابِهِ دُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute