للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ (وَلَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمُحَابَاةِ أَوْ بِنَقْضِ الْبَيْعِ) كَمَا بَيَّنَّا فِي جَانِبِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ. .

قَالَ (وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمَأْذُونَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَعِتْقُهُ جَائِزٌ)؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ بَاقٍ وَالْمَوْلَى ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ بَيْعًا وَاسْتِيفَاءً مِنْ ثَمَنِهِ (وَمَا بَقِيَ مِنْ الدُّيُونِ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ)؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ وَمَا لَزِمَ الْمَوْلَى إلَّا بِقَدْرِ مَا أَتْلَفَ ضَمَانًا فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَيْهِ كَمَا كَانَ (فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ ضَمِنَ الدَّيْنَ لَا غَيْرَ)؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ الْمَأْذُونِ لَهُمَا وَقَدْ رَكِبَتْهُمَا دُيُونٌ

جَازَ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِالنُّقْصَانِ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ، هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَبِخِلَافِ اهـ.

وَالْعَجَبُ أَنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا مِنْ التَّوْجِيهِ الْوَجِيهِ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَدْ رَأَى تَوْجِيهَ صَاحِبِ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ جَزَمَ بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ بِلَا مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ الْفَسَادَ فِي تَوْجِيهِ صَاحِبِ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. نَعَمْ فِي تَوْجِيهِهِ تَمَحُّلٌ لَا يَخْفَى، وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ بِأَبْعَدَ وَأَقْبَحَ مِمَّا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ نَفْسُهُ حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوَاوِ بِجَعْلِهِ مُتَعَلِّقًا بِأَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِي كَلَامِهِ تَعْقِيدٌ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ كَمَا سَيَأْتِي نَقْلُهُ وَبَيَانُ حَالِهِ.

وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِدُونِ الْوَاوِ فَيَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ قَوْلِهِ الْمُتَّصِل بِهِ. وَهُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ: أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي كُلِّ حَالٍ: أَعْنِي إذَا كَانَتْ الْمُحَابَاةُ يَسِيرَةً أَوْ فَاحِشَةً أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَبَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَهَذَا أَوْجَهُ، وَلَكِنَّ النُّسْخَةَ بِالْوَاوِ تَأْبَاهُ، اهـ كَلَامَهُ. وَرَدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ كَلَامَهُ هَذَا أَيْضًا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ أَيْضًا عَنْهُ: قُلْت ذَلِكَ أَوْجَهُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ بِالْقُرْبِ دُونَ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ جَوَازُ الْمُحَابَاةِ مَعَهُ مُطْلَقًا، وَلَا يُرَدُّ بَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إشْكَالًا عَلَيْهِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ اهـ.

أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا أَيْضًا بِوَارِدٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ جَوَازُ الْمُحَابَاةِ مَعَهُ مُطْلَقًا، كَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِهِ مِنْهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ مَفْهُومٌ بِالْعِبَارَةِ وَالثَّانِي مَفْهُومٌ بِالدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَتْ الْمُحَابَاةُ مَعَهُ فَلَأَنْ جَازَ الْبَيْعُ مِنْهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى. وَعَنْ هَذَا قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَابَى الْأَجْنَبِيَّ: أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي كُلِّ حَالٍ: أَعْنِي إذَا كَانَتْ الْمُحَابَاةُ يَسِيرَةً أَوْ فَاحِشَةً أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَإِذْن اتَّجَهْت الْمُطَالَبَةُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَبَيْنَ بَيْعِ الْمَرِيضِ مِنْ الْوَارِثِ حَيْثُ جَازَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي، مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْمَبِيعِ فَاحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهَا بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ مِنْ الْوَارِثِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>