للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْقِلَ كَوْنَ الْبَيْعِ سَالِبًا لِلْمِلْكِ جَالِبًا لِلرِّبْحِ، وَالتَّشْبِيهُ بِالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ يُفِيدُ أَنَّ مَا يَثْبُتُ فِي الْعَبْدِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فَكُّ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونُ يَتَصَرَّفُ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ عَبْدًا كَانَ أَوْ صَبِيًّا، فَلَا يَتَقَيَّدُ تَصَرُّفُهُ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ.

وَيَصِيرُ مَأْذُونًا بِالسُّكُوتِ كَمَا فِي الْعَبْدِ،.

نَظَرٌ لَهُ. وَأَمَّا ثَانِيًا؛ فَلِأَنَّ مُقْتَضَى تَقْرِيرِهِ الْمَزْبُورِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاحْتِمَالُ تَبَدُّلِ الْحَالِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ لِنَظَرِ الصَّبِيِّ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاظِرِ فِي مُقَدِّمَاتِ تَقْرِيرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَصْلَحَةِ بِطَرِيقَيْنِ، وَدَاخِلٌ مَعَهُ فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ لِنَظَرِ الصَّبِيِّ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ تَدَارُكَ احْتِمَالِ تَبَدُّلِ الْحَالِ أَيْضًا نَظَرٌ لِلصَّبِيِّ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِهِ مُقَابِلًا لَهُ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَقَاءُ وِلَايَتِهِ إلَخْ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَلِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ إلَخْ.

وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لَوْ صَارَ الصَّبِيُّ وَلِيًّا لِلتَّصَرُّفِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْقَى وَلِيُّهُ وَلِيًّا فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، فَصَاحِبُ النِّهَايَةِ ذَكَرَ كِلَا الْوَجْهَيْنِ، وَصَاحِبُ الْعِنَايَةِ اخْتَارَ الثَّانِي كَمَا تَرَى، وَكَثِيرٌ مِنْ الشُّرَّاحِ اخْتَارُوا الْأَوَّلَ فَعَلَيْك بِالِاخْتِيَارِ ثُمَّ الِاخْتِيَارِ.

(قَوْلُهُ وَالتَّشْبِيهُ بِالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ يُفِيدُ أَنَّ مَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ) أَيْ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ فَهُوَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهَا. أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: تَشْبِيهُ الصَّبِيِّ بِالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إنَّمَا يُفِيدُ ثُبُوتَ أَحْكَامِ الْعَبْدِ عَامَّةً فِي حَقِّهِ إنْ كَانَ التَّشْبِيهُ عَلَى الْعُمُومِ، أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ مَا فِيهِ الْمُشَابَهَةُ كَمَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ حَيْثُ قَالَ فَهُوَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، فَإِفَادَةُ الْمَأْذُونِ التَّعْمِيمَ مَمْنُوعَةٌ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ تَعْمِيمُ قَوْلِهِ إنَّ مَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ مَعَ التَّخَلُّفِ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ أَنَّ الْمَوْلَى مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَالْوَلِيُّ لَيْسَ بِمَحْجُورٍ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَالرِّوَايَةُ عَنْ الْمَبْسُوطِ. قُلْت: الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا ذَكَرْته مِنْ الْحَجَرِ وَعَدَمِهِ فَهُوَ فِي انْحِجَارِ الْمَوْلَى وَعَدَمِ انْحِجَارِ الْوَلِيِّ فِي الْمَالِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي تَصَرُّفِ الْعَبْدِ فِي مَالِهِ وَتَصَرُّفِ الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ فَلَا يَرُدُّ نَقْضًا لِاخْتِلَافِ التَّصَرُّفَيْنِ. وَالثَّانِي هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ سَوَاءً كَانَ عَلَى الصَّبِيِّ دَيْنٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْحُرِّ فِي ذِمَّتِهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَالِهِ، بِخِلَافِ دَيْنِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَيَصِيرُ الْمَوْلَى مِنْ التَّصَرُّفِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا اهـ كَلَامَهُ. وَاقْتَفَى أَثَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي ذِكْرِ ذَاكَ السُّؤَالِ وَوَجْهَيْ الْجَوَابِ وَلَكِنْ سَلَكَ مَسْلَكَ الْإِجْمَالِ. أَقُولُ: الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُصْلَحُ جَوَابًا عَنْ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا الْوَجْهِ بَيَانُ عِلَّةِ انْحِجَارِ الْمَوْلَى عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَعَدَمُ انْحِجَارِ الْوَلِيِّ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ، وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ اسْتِقَامَةَ التَّعْلِيلِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّ مَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بَلْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ اسْتِقَامَتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَمَدَارُ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ عَلَى التَّعْمِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>