نَعَمْ قَدْ يُفْسَخُ التَّدْبِيرُ بِالْقَضَاءِ لَكِنَّ الْبَيْعَ بَعْدَهُ يُصَادِفُ الْقِنَّ.
قَالَ (وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَهُوَ يُنْكِرُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِالْحُجَّةِ الْمُلْزِمَةِ.
تَعْلِيلُ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ مُنَاسِبًا اهـ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ حَيْثُ قَالَ: فِيهِ بَحْثٌ، فَإِنَّ عَدَمَ مُنَاسَبَتِهِ لَا يُهِمُّنَا، غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ وَجْهًا آخَرَ لَنَا فِي الْجَوَابِ اهـ.
أَقُولُ: كَيْفَ لَا يُهِمُّنَا عَدَمُ مُنَاسَبَةِ تَعْلِيلِهِ وَهُوَ خَصْمُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَتَزْيِيفُ دَلِيلِ خَصْمِنَا مِمَّا يُهِمُّنَا لَا مَحَالَةَ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُ الْمِلْكِ هُوَ الْغَصْبُ عِنْدَنَا لَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى الْمُصَنِّفِ بَيَانُ عَدَمِ مُنَاسَبَةِ تَعْلِيلِهِ لِمَا قُلْنَا لِيَتَزَيَّفَ بِهِ دَلِيلُهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ اسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ تَزْيِيفِ دَلِيلِهِ بِهَذَا الْوَجْهِ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَنَا أَنَّهُ مَلَكَ الْبَدَلَ بِكَمَالِهِ إلَخْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْبَعْضُ بِقَوْلِهِ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ وَجْهًا آخَرَ لَنَا فِي الْجَوَابِ. قُلْنَا: مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَنَا أَنَّهُ مَلَكَ الْبَدَلَ إلَخْ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا آخَرَ عَمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَلَا يَنْدَفِعُ بِهِ إشْكَالُ أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ عُدْوَانٌ مَحْضٌ سَبَبًا لِلْمِلْكِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي تَعْلِيلِهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُ الْمِلْكِ عِنْدَنَا هُوَ الْغَصْبُ لَمَا تَرَكَ مَنْعَ كَوْنِ الْغَصْبِ سَبَبًا لِلْمِلْكِ عِنْدَنَا فِي الْجَوَابِ عَمَّا قَالَهُ الْخَصْمُ، فَهَلْ يَسْتَغْنِي الْعَاقِلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ الْجَلِيِّ الْقَاطِعِ عِنْدَ إمْكَانِ التَّشَبُّثِ بِهِ بِمِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِمَّا هُوَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ خَفِيُّ الدَّلَالَةَ عَلَى دَفْعِ مَا قَالَهُ الْخَصْمُ كَمَا تَرَى، فَصَحَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ مِنْ أَنَّ سَوْقَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ عِنْدَنَا هُوَ الْغَصْبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ فِي الْأَسْرَارِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الْغَصْبُ يُفِيدُ الْمِلْكَ فِي الْمَغْصُوبِ عِنْدَ الْقَضَاءِ بِالضَّمَانِ أَوْ التَّرَاضِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) فَإِنْ عَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْغَاصِبِ وَلِلْغَاصِبِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute