النُّقْصَانُ بِالْوَلَدِ وَسَقَطَ ضَمَانُهُ عَنْ الْغَاصِبِ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَنْجَبِرُ النُّقْصَانُ بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مِلْكُهُ فَلَا يَصْلُحُ جَابِرًا لِمِلْكِهِ كَمَا فِي وَلَدِ الظَّبْيَةِ، وَكَمَا إذَا هَلَكَ الْوَلَدُ قَبْلَ الرَّدِّ أَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ وَبِالْوَلَدِ وَفَاءٌ، وَصَارَ كَمَا إذَا جَزَّ صُوفَ شَاةِ غَيْرِهِ أَوْ قَطَعَ قَوَائِمَ شَجَرِ غَيْرِهِ أَوْ خَصَى عَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ عَلَّمَهُ الْحِرْفَةَ فَأَضْنَاهُ التَّعْلِيمُ.
وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْوِلَادَةُ أَوْ الْعُلُوقُ عَلَى مَا عُرِفَ،
الْمَغْصُوبِ إلَى يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.
وَفِي الْغَصْبِ إذَا وَصَلَ الْمَغْصُوبُ إلَى الْمَالِكِ كَمَا غُصِبَ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ بِتَكَرُّرِ الْغَصْبِ فَكَذَا هُنَا، إلَى هُنَا لَفْظُ النِّهَايَةِ. وَاقْتَفَى أَثَرَهُ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ فِي تَجْوِيزِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هَاهُنَا، وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ سِوَاهُ بِتَرْجِيحِ الْمَعْنَى الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَمِنْهُمْ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ: وَلِهَذَا يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ لَوْ أَدَّى الضَّمَانَ بِسَبَبِ إخْرَاجِ الصَّيْدِ عَنْ الْحَرَمِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِيهِ ثُمَّ أَخْرَجَ ذَلِكَ الصَّيْدَ مِنْ الْحَرَمِ وَجَبَ جَزَاءٌ آخَرُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُ الْإِرْسَالِ بِتَكَرُّرِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ الَّتِي هِيَ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحَرَمِ اهـ كَلَامُهُ.
أَقُولُ: لَا جَوَازَ عِنْدِي لِلْمَعْنَى الثَّانِي هَاهُنَا أَصْلًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَوْلَى كَمَا زَعَمَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ كَمَا تَرَى، وَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّفَرُّعُ عَلَى تَقْدِيرِ حَمْلِ قَوْلِهِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ تَكَرُّرَ وُجُوبِ الْإِرْسَالِ بِتَكَرُّرِ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحَرَمِ لَا يَكُونُ أَمَارَةً عَلَى كَوْنِ ضَمَانِ وَلَدِ الظَّبْيَةِ ضَمَانَ جِنَايَتِهِ لَا ضَمَانَ غَصْبٍ فَإِنَّ تَكَرُّرَ وُجُوبِ الْإِرْسَالِ بِتَكَرُّرِ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحَرَمِ يَنْتَظِمُ كَوْنَ ضَمَانِ وَلَدِ الظَّبْيَةِ ضَمَانَ جِنَايَةٍ وَكَوْنَهُ ضَمَانَ غَصْبٍ عَلَى السَّوَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ رِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ فِي الْمَنَاسِكِ أَوْفَقُ لِكَوْنِهِ ضَمَانَ غَصْبٍ عَلَى مَا قَرَّرَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ حَيْثُ قَالَ: جَعَلَ هُنَاكَ إيصَالَ صَيْدِ الْحَرَمِ إلَى الْحَرَمِ بِمَنْزِلَةِ إيصَالِ الْمَغْصُوبِ إلَى يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَفِي الْغَصْبِ إذَا وَصَلَ الْمَغْصُوبُ إلَى الْمَالِكِ كَمَا غُصِبَ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ شَيْءٍ.
وَلَكِنْ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ بِتَكَرُّرِ الْغَصْبِ فَكَذَا هُنَا اهـ تَدَبَّرْ تَقِفُ
(قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوِلَادَةُ أَوْ الْعُلُوقُ عَلَى مَا عُرِفَ) ذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ وَهُمْ أَصْحَابُ الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا عُرِفَ إشَارَةٌ إلَى مَا يَجِيءُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَى بِهَا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ إلَى أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا ذُكِرَ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ. وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ الثَّانِي، وَذَكَرَ الْأَوَّلَ أَيْضًا بِطَرِيقِ النَّقْلِ حَيْثُ قَالَ: يَعْنِي فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ، وَقِيلَ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَى بِهَا عَلَى مَا يَجِيءُ اهـ.
أَقُولُ: لَا مَجَالَ عِنْدِي لِلْحَمْلِ عَلَى الْأَوَّلِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ هَاهُنَا سَبَبُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَبِمَا يَجِيءُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَى بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute