وَالْجَزُّ، وَسَبَبَ الزِّيَادَةِ النُّمُوُّ، وَسَبَبَ النُّقْصَانِ التَّعْلِيمُ، وَالزِّيَادَةُ سَبَبَهَا الْفَهْمُ. .
قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَى بِهَا فَحَبِلَتْ ثُمَّ رَدَّهَا وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ عَلِقَتْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْحُرَّةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ فِي الْأَمَةِ أَيْضًا) لَهُمَا أَنَّ الرَّدَّ قَدْ صَحَّ، وَالْهَلَاكُ بَعْدَهُ بِسَبَبٍ حَدَثَ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ
فِي السَّبَبِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ سَبَبَ النُّقْصَانِ وَهُوَ الْهُزَالُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَسُقُوطُ الثَّنِيَّةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يُغَايِرُ سَبَبَ الزِّيَادَةِ وَهِيَ السِّمَنُ فِي الْأُولَى وَنَبْتُ الثَّنِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ فِيمَا بَعْدُ قِيَاسَ الْخَصْمِ عَلَى نَحْوِ جَزِّ صُوفِ شَاةٍ وَقَطْعِ قَوَائِمِ الشَّجَرِ بِعَدَمِ الِاتِّحَادِ فِي السَّبَبِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَشَبَّثَ هَاهُنَا بِالْقِيَاسِ عَلَى تَيْنِكَ الصُّورَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ الِاتِّحَادِ فِي السَّبَبِ فِيهَا أَيْضًا. ثُمَّ أَقُولُ فِي الْجَوَابِ: إنَّ الْفَرْقَ بِاتِّحَادِ السَّبَبِ وَعَدَمِ اتِّحَادِهِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي قَدْحِ الْقِيَاسِ فِي عَدَمِ سُقُوطِ الضَّمَانِ كَمَا هُوَ مُدَّعَى الْخَصْمِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهِ عِنْدَ عَدَمِ اتِّحَادِ السَّبَبِ عَدَمُ سُقُوطِهِ عِنْدَ اتِّحَادِهِ، إذْ يُمْكِنُ عِنْدَ اتِّحَادِهِ أَنْ لَا يُعَدَّ النُّقْصَانُ نُقْصَانًا كَمَا ذَكَرُوهُ، بِخِلَافِ عَدَمِ اتِّحَادِهِ، إذْ لَا وَجْهَ عِنْدَهُ أَصْلًا لِئَلَّا يُعَدَّ النُّقْصَانُ نُقْصَانًا، وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ الْفَرْقُ فِي الْقِيَاسِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ كَمَا هُوَ مُدَّعَانَا؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الضَّمَانُ عِنْدَ عَدَمِ اتِّحَادِ السَّبَبِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ أَنْ لَا يُعَدُّ النُّقْصَانُ هُنَاكَ نُقْصَانًا فَلَأَنْ يَسْقُطُ الضَّمَانُ عِنْدَ اتِّحَادِ السَّبَبِ مَعَ جَوَازِ أَنْ لَا يُعَدَّ النُّقْصَانُ هُنَا نُقْصَانًا أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى فَتَدَبَّرْ، فَإِنَّهُ وَجْهٌ لَطِيفٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِيَاسَيْنِ وَلَمْ أُسْبَقْ إلَى كَشْفِهِ وَبَيَانِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّنِيَّةَ لَا قِيمَةَ لَهَا بِخِلَافِ الْقَوَائِمِ وَالصُّوفِ اهـ. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الثَّنِيَّةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ إلَّا أَنَّ سُقُوطَهَا يُورِثُ نُقْصَانًا لِلْجَارِيَةِ بِلَا رَيْبٍ، وَالْكَلَامُ فِي نُقْصَانِ الْجَارِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْفَرْقُ شَيْئًا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ
(قَوْلُهُ وَالْهَلَاكُ بَعْدَهُ بِسَبَبٍ حَدَثَ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute