للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى عَنْ عُقُودِهِمْ، وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ يَكُونُ لِلذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّا مَا ضَمِنَّا لَهُمْ تَرْكَ التَّعَرُّضِ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ، وَبِخِلَافِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا إذَا كَانَ لِمَنْ يُبِيحُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ. .

أَنَّ الْكُفْرَ لَيْسَ بِمَانِعٍ عَنْ الْإِرْثِ فِي اعْتِقَادِ الْكُفْرِ وَلَمْ نَتْرُكْهُمْ وَمَا يَدِينُونَ هُنَاكَ، فَتَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّبَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنْ تَمْلِيكِ الْخَمْرِ وَتَمَلُّكِهَا، كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بَعْدَ نَقْلِ ذَلِكَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ نَحْنُ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ، وَمَا يَدِينُونَ إلَخْ لِاتِّسَاقِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْعَطْفِ حِينَئِذٍ اهـ أَقُولُ: تَعَلُّقُهُ بِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ غَيْرُ ظَاهِرِ السَّدَادِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ هَذَا مَعَ كَوْنِهَا مِمَّا يَأْبَى ذَلِكَ جِدًّا لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ الرِّبَا مِنْ خِلَافِ قَوْلِهِ نَحْنُ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَمَّا كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ عُقُودِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ فِسْقًا مِنْهُمْ لَا تَدَيُّنًا لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي دِينِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ﴾ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَاطِبَةً، حَتَّى صَاحِبُ الْعِنَايَةِ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ مَنْعُنَا إيَّاهُمْ عَنْ الرِّبَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ نَحْنُ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي مُسْكَةٍ. وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّبَا) مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ (نَحْنُ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ) يَصِيرُ الْمَعْنَى: وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ، وَنَحْنُ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ مُلْتَبِسٌ بِخِلَافِ الرِّبَا، وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى بِسَدِيدٍ لِعَدَمِ مُلَابَسَةِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيَّنَّا آنِفًا.

وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّبَا) مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ؛ (لِأَنَّ الذِّمِّيَّ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنْ تَمْلِيكِ الْخَمْرِ وَتَمَلُّكِهَا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ) فَيَصِيرُ الْمَعْنَى وَهَذَا أَيْ عَدَمُ كَوْنِ الذِّمِّيِّ مَمْنُوعًا عَنْ تَمْلِيكِ الْخَمْرِ وَتَمَلُّكِهَا مُلْتَبِسٌ بِخِلَافِ الرِّبَا لِكَوْنِهِمْ مَمْنُوعِينَ عَنْ الرِّبَا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى سَدِيدٌ وَأَنَّ كَلِمَةَ هَذَا الَّتِي يُشَارُ بِهَا إلَى الْقَرِيبِ فِي مَحَلِّهَا حِينَئِذٍ.

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: فَيَضْمَنُهُ، وَالْإِشَارَةُ إلَى مَا ذَكَرَ مِنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ اهـ أَقُولُ هَذَا أَقْبَحُ مِمَّا قَالَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْإِشَارَةُ بِهَذَا إلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِتَأْوِيلِ مَا ذَكَرَ كَمَا زَعَمَهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى: وَهَذَا أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مُلْتَبِسٌ بِخِلَافِ الرِّبَا فَلَا يَبْقَى لِتَعَلُّقِ قَوْلِهِ (وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّبَا) بِقَوْلِهِ (فَيَضْمَنُهُ) مَعْنًى وَإِنْ صِيرَ إلَى التَّقْدِيرِ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ: وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّبَا فِي الضَّمَانِ فَيَحْصُلُ نَوْعُ تَعَلُّقٍ بِقَوْلِهِ فَيَضْمَنُهُ فَلَا يَكُونُ سَدِيدًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْإِتْلَافِ، وَمَسْأَلَةُ الرِّبَا مِمَّا لَا مِسَاسَ لَهُ بِذَلِكَ تَدَبَّرْ تَفْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ لِمَنْ يُبِيحُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: يَعْنِي لَمَّا أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَ أَهْلَ الذِّمَّةِ عَلَى مَا اعْتَقَدُوهُ مِنْ الْبَاطِلِ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَتْرُكَ أَهْلَ الِاجْتِهَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>