وَقَوْلُهُنَّ وَقَوْلُ الطَّبِيبِ حُجَّةٌ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ لَا فِي الرَّدِّ فَيَفْتَقِرُ إلَيْهَا فِي الرَّدِّ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَاضِي عَايَنَ الْبَيْعَ وَالْعَيْبُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَحْتَاجُ الْوَكِيلُ إلَى رَدٍّ وَخُصُومَةٍ. قَالَ (وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ)؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ، وَالْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ فِي النُّكُولِ
كَالدِّقِّ وَالسُّعَالِ الْقَدِيمِ (وَقَوْلُهُنَّ) أَيْ قَوْلُ النِّسَاءِ.
(وَقَوْلُ الطَّبِيبِ حُجَّةٌ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ) لِلْمُشْتَرِي (لَا فِي الرَّدِّ) أَيْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ (فَيَفْتَقِرُ) أَيْ الْقَاضِي (إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْحُجَجِ الْمَذْكُورَةِ (فِي الرَّدِّ) عَلَى الْبَائِعِ. أَقُولُ: فِي هَذَا التَّأْوِيلِ نَظَرٌ، إذْ عَلَى هَذَا لَا يَتِمُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا، فَلَمْ يَكُنْ قَضَاؤُهُ مُسْتَنِدًا إلَى هَذِهِ الْحُجَجِ وَالِاحْتِيَاجِ، إلَى التَّأْوِيلِ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ تَتْمِيمِ ذَلِكَ بَلْ عَلَى هَذَا لَا يَتِمُّ جَوَابُ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا، إذْ يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَأْمُورِ بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ مِثْلَ الْجَوَابِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي صُورَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ قَوْلُ النِّسَاءِ وَلَا قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ حُجَّةً فِي حَقِّ الرَّدِّ بَلْ كَانَ الْقَاضِي فِيهِ مُفْتَقِرًا إلَى إحْدَى الْحُجَجِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَيْضًا كَانَ قَضَاؤُهُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِإِقْرَارِهِ قَضَاءً بِحُجَّةٍ قَاصِرَةٍ لَمْ يُضْطَرَّ الْمَأْمُورُ إلَيْهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَتَعَدَّى إلَى الْآمِرِ بِعَيْنٍ مَا ذَكَرُوا فِيمَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَتَأَمَّلْ.
ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْكَافِي زَادَ هَاهُنَا تَأْوِيلًا ثَالِثًا وَقَدَّمَهُ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ: وَمَعْنَى شَرْطُ الْبَيِّنَةِ وَالنُّكُولِ وَالْإِقْرَارِ أَنْ يُشْتَبَهَ عَلَى الْقَاضِي أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ قَدِيمٌ أَمْ لَا. أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ مَثَلًا، وَلَكِنْ لَا يَعْلَمْ تَارِيخَ الْبَيْعِ فَاحْتَاجَ إلَى هَذِهِ الْحُجَجِ لِيُظْهِرَ التَّارِيخَ، أَوْ كَانَ عَيْبًا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا النِّسَاءُ أَوْ الْأَطِبَّاءُ كَالْقَرَنِ فِي الْفَرْجِ وَنَحْوِهِ. وَقَوْلُهُنَّ وَقَوْلُ الطَّبِيبِ حُجَّةٌ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ، وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِنَّ فَيَفْتَقِرُ إلَى هَذِهِ الْحُجَجِ لِلرَّدِّ انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ أَيْضًا: أَقُولُ: ذَلِكَ التَّأْوِيلُ مِمَّا لَا يُرَى لَهُ وَجْهُ صِحَّةٍ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، وَالْعَيْبُ الَّذِي يُشْتَبَهُ عَلَى الْقَاضِي أَنَّهُ قَدِيمٌ أَمْ لَا مِمَّا يَحْدُثُ مِثْلُهُ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ مَا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ مِثْلُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا مَا يَتَعَيَّنُ حُدُوثُهُ عِنْدَهُ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ بِحُجَّةٍ، وَإِنَّ الْمُرَادَ بِمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ مِثْلُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَاَلَّذِي يُشْتَبَهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ أَمْ لَا مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ مِثْلُهُ وَإِلَّا لَمَا اشْتَبَهَ حَالُهُ، فَإِنَّ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ مِثْلُهُ قَدِيمٌ أَلْبَتَّةَ (حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَاضِي عَايَنَ الْبَيْعَ وَالْعَيْبُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ) أَيْ الْقَاضِي (إلَى شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ تِلْكَ الْحُجَجِ (وَهُوَ) أَيْ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ (رَدٌّ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَحْتَاجُ الْوَكِيلُ إلَى رَدٍّ وَخُصُومَةٍ) مَعَ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ لِعُمُومِ وِلَايَةِ الْقَاضِي، وَالْفَسْخُ بِالْحُجَّةِ الْكَامِلَةِ عَلَى الْوَكِيلِ فَسْخٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ (قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا رَدَّهُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ (بِعَيْبٍ) أَيْ بِسَبَبِ عَيْبٍ (يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِبَيِّنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِرَدِّهِ: أَيْ رَدِّهِ عَلَيْهِ بِبَيِّنَهٍ (أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ) أَيْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ (لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ فَتَتَعَدَّى، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
وَقِيلَ: أَيْ مُثَبَّتَةٌ عِنْدَ النَّاسِ كَافَّةً فَيَثْبُتُ بِهَا قِيَامُ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ فَيَنْفُذُ الرَّدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَخْذًا مِنْ الْكَافِي (وَالْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ فِي النُّكُولِ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ خِلَافِ زُفَرٍ فِي إبَاءٍ عَنْ يَمِينٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ رَدَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute