للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِبُعْدِ الْعَيْبِ عَنْ عِلْمِهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُمَارَسَتِهِ الْمَبِيعَ فَلَزِمَ الْآمِرَ. قَالَ (فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ لَزِمَ الْمَأْمُورَ)؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ لِإِمْكَانِهِ السُّكُوتَ وَالنُّكُولَ، إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ فَيُلْزِمَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِنُكُولِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَالْعَيْبُ يَحْدُثُ مِثْلُهُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ وَالْبَائِعُ ثَالِثُهُمَا، وَالرَّدُّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ

عَلَى الْوَكِيلِ بِنُكُولِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَجَدَ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِنُكُولِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، فَجَعَلَ هَذَا وَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ سَوَاءً فِي حَقِّ الْبَائِعِ، فَكَذَا فِي حَقِّ الْوَكِيلِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: الْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ فِي هَذَا النُّكُولِ (لِبُعْدِ الْعَيْبِ عَنْ عِلْمِهِ) أَيْ عَنْ عِلْمِ الْوَكِيلِ (اعْتِبَارُ عَدَمِ مُمَارَسَةِ الْمَبِيعِ) فَإِنَّهُ لَمْ يُمَارِسْ أَحْوَالَ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْعَبْدُ فَلَا يَعْرِفُ بِعَيْبِ مِلْكِ الْغَيْرِ فَيَخَافُ أَنْ يَحْلِفَ كَاذِبًا فَيَنْكُلَ، وَالْمُوَكِّلُ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ فَكَانَ الْخَلَاصُ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعُهْدَةِ (فَيَلْزَمُ الْآمِرَ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْعَبْدُ الْآمِرَ أَوْ فَيَلْزَمُ حُكْمُ النُّكُولِ الْآمِرَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَى الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَيَقْضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فَيَكُونَ هُوَ فِي الْإِقْرَارِ مُخْتَارًا لَا مُضْطَرًّا، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى النُّكُولِ، وَلَكِنْ فِي عَمَلٍ بَاشَرَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعْ بِعُهْدَةِ عَمَلِهِ عَلَى غَيْرِهِ.

كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ (قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِع الصَّغِيرِ (فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ (بِإِقْرَارٍ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ (لَزِمَ الْمَأْمُورَ) أَيْ لَزِمَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورَ وَهُوَ الْوَكِيلُ (لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ) فَيَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ دُونَ غَيْرِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَأْمُورُ (غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْإِقْرَارِ (لِإِمْكَانِهِ السُّكُوتُ وَالنُّكُولُ) بِرَفْعِ السُّكُوتِ وَالنُّكُولِ: يَعْنِي يُمْكِنُهُ السُّكُوتُ وَالنُّكُولُ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالسُّكُوتِ وَالنُّكُولِ (إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ) يَعْنِي لَكِنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ (فَيُلْزِمَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِنُكُولِهِ) أَيْ بِنُكُولِ الْمُوَكِّلِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ يَذْكُرْ الْإِقْرَارَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْمُخَاصَمَةِ هُنَا إذَا كَانَ مُقِرًّا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ انْتَهَى.

أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِتَامٍّ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يُقِرَّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ وَيَمْتَنِعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الْقَبُولِ، فَفَائِدَةُ الْخُصُومَةِ أَنْ يُجْبِرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْقَبُولِ كَمَا قَالُوا فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ إقْرَارُ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ مُخَاصَمَةِ الْوَكِيلِ لَا قَبْلَهَا، فَلَا مَعْنًى لِقَوْلِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْمُخَاصَمَةِ هَاهُنَا إذَا كَانَ مُقِرًّا فَتَدَبَّرْ (بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الرَّدُّ) أَيْ الرَّدُّ بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ (بِغَيْرِ قَضَاءٍ) يَعْنِي أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ (وَالْعَيْبُ يَحْدُثُ مِثْلُهُ) فَبِخِلَافِهِ (حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ) يَعْنِي الْمُوَكِّلَ (لِأَنَّهُ) أَيْ الرَّدَّ بِالْإِقْرَارِ وَالرِّضَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ (بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقٍّ ثَالِثٍ) وَإِنْ كَانَ فَسْخًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (وَالْبَائِعُ) يَعْنِي الْمُوَكِّلَ (ثَالِثُهُمَا) أَيْ ثَالِثُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهُمَا الْوَكِيلُ وَالْمُشْتَرِي. قَالَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَنْ يُخَاصِمَ مُوَكِّلَهُ أَوْ يَقُولَ آمُرَهُ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَقُولَ مَكَانَ قَوْلِهِ وَالْبَائِعُ ثَالِثُهُمَا وَالْمُوَكِّلُ ثَالِثُهُمَا أَوْ الْآمِرُ ثَالِثُهُمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُخَاصَمَةِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ لَيْسَ بِبَائِعٍ انْتَهَى.

وَاعْتَذَرَ عَنْهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِأَنْ قَالَ: عَبَّرَ عَنْهُ بِالْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمَّا انْتَقَلَ إلَى الْوَكِيلِ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ قَدْ حَصَلَ مِنْ جِهَتِهِ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ انْتَهَى (وَالرَّدُّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ) هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَكِيلِ حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَ الْمُوَكِّلِ أَصْلًا فِيمَا إذَا حَصَلَ الرَّدُّ بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ لِكَوْنِهِ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، فَقَالَ الرَّدُّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>