للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْطَعُ حَقَّ الْغَائِبِ عَنْ النِّصْفِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَضَاءِ. .

قَالَ (وَالشُّفْعَةُ تَجِبُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ) وَمَعْنَاهُ بَعْدَهُ لَا أَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا الِاتِّصَالُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ،

وَآخِرَهُ تَنَافُرٌ لَا يَخْفَى

(قَوْلُهُ وَالشُّفْعَةُ تَجِبُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ وَمَعْنَاهُ بَعْدَهُ) أَقُولُ كَوْنُ مَعْنَاهُ بَعْدَهُ مَحَلَّ كَلَامٍ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ، فَإِنَّ مَجِيءَ الْبَاءِ بِمَعْنَى بَعْدُ لَمْ يُذْكَرْ فِي مَشَاهِيرِ كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ، فَالْأَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ تَجِبُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ بِمَعْنَى مَعَ لِلْمُصَاحَبَةِ وَالْمُقَارَنَةِ، فَإِنَّهُ كَثِيرٌ شَائِعٌ مَذْكُورٌ فِي عَامَّةِ مُعْتَبَرَاتِ كُتُبِ الْأَدَبِ، وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ هَاهُنَا يَحْصُلُ بِهِ أَيْضًا بِلَا كُلْفَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ الْمُتَأَمِّلِ، فَلَا مُقْتَضَى لِلْعُدُولِ عَنْهُ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا الِاتِّصَالُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ) يَعْنِي فِي قَوْلِهِ وَلَنَا أَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الِاتِّصَالُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْعِنَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الشُّرُوحِ، أَوْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إنَّمَا انْتَصَبَ سَبَبًا فِيهِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْجِوَارِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْكِفَايَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الدَّخِيلِ عَنْ الْأَصِيلِ بِسُوءِ الْمُعَامَلَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ.

وَالضَّرَرُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِاتِّصَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الشَّفِيعِ.

وَلِهَذَا قُلْنَا بِثُبُوتِهَا لِلشَّرِيكِ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ وَلِلْجَارِ لِتَحَقُّقِ ذَلِكَ اهـ.

أَقُولُ: فِي قَوْلِهِمْ وَالضَّرَرُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِاتِّصَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الشَّفِيعِ مُنَاقَشَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ أَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ اتِّصَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الشَّفِيعِ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَتَحَقَّقَ الضَّرَرُ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ الْبَائِعُ مِلْكَهُ لِتَحْقِيقِ اتِّصَالِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ الشَّفِيعِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ تَجِبَ الشُّفْعَةُ قَبْلَهُ أَيْضًا لِدَفْعِ ذَلِكَ الضَّرَرِ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا. وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ أَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمَدْخَلِيَّةِ اتِّصَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الشَّفِيعِ فَهَذَا لَا يُنَافِي مَدْخَلِيَّةَ الْبَيْعِ أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا هُوَ الِاتِّصَالَ كَمَا ادَّعَوْا فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاتِّصَالُ هُوَ السَّبَبُ لَجَازَ تَسْلِيمُهَا قَبْلَ الْبَيْعِ لِوُجُودِهِ بَعْدَ السَّبَبِ؛ أَلَا يَرَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ صَحِيحٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْعَ شَرْطٌ وَلَا وُجُودَ لِلْمُشْتَرَطِ قَبْلَهُ.

وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ بَعْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ فِي حَقِّ صِحَّةِ التَّسْلِيمِ كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَإِسْقَاطِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطُ الْوُجُوبِ وَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي شَرْطِ الْجَوَازِ وَامْتِنَاعِ الْمَشْرُوطِ قَبْلَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ غَيْرُ خَافٍ عَلَى أَحَدٍ اهـ كَلَامُهُ. أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: امْتِنَاعُ تَحَقُّقِ الْمَشْرُوطِ قَبْلَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ ضَرُورِيٌّ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْرُوطُ هُوَ الْجَوَازُ أَوْ الْوُجُوبُ، فَإِذَا كَانَ عَدَمُ تَحَقُّقِ شَرْطِ الْجَوَازِ مَانِعًا عَنْ اتِّصَالِ السَّبَبِ بِالْمَحَلِّ كَمَا قَالُوا لَزِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>