للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزِّيَادَةُ قَبْلَهَا تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ فِيهَا وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهَا، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَإِذَا كَانَتْ قَضَاءً عَلَى الْمَيِّتِ فَالْإِقْرَارُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ مُفِيدٌ، لِأَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْمُورِثِ.

وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ كَمَا فِي الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ الْمُقِرِّ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ، بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ نَظَرًا لِلْحَاجَةِ إلَى الْحِفْظِ أَمَّا الْعَقَارُ فَمُحْصَنٌ بِنَفْسِهِ، وَلِأَنَّ الْمَنْقُولَ مَضْمُونٌ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي يَدِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعَقَارُ عِنْدَهُ،

هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحِ تَوْجِيهُ الْعِبَارَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْكِتَابِ لَا نَفْيُ مَجَالِ إفَادَةِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ هَاهُنَا بِعِبَارَةٍ أَخَصْرَ مِمَّا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُفِيدٌ لِأَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْمُورِثِ وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ كَمَا فِي الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ الْمُقِرِّ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ بِأَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا وَالْآخَرُ بِكَوْنِهِ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَكِلَاهُمَا مَجْهُولٌ، بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِتَعَيُّنِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَاكَ وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَالَ لَا أَقْسِمُ حَتَّى تُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْتِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ هُمْ يَجْعَلُونَ أَحَدَهُمْ مُدَّعِيًا لِيَحْصُلَ مَقْصُودُهُمْ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ. أَقُولُ: لَا اسْتِشْكَالَهُ شَيْءٌ وَلَا جَوَابَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ التَّعْيِينِ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْمَقَامِ تَحْصِيلًا لِمَقْصُودِهِمْ فَتَرْتَفِعَ الْجَهَالَةُ بِتَعْيِينِهِ، وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فَالْقَاضِي يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَيَقْسِمُ الدَّارَ وَيَجْعَلُ أَحَدَ الْحَاضِرَيْنِ مُدَّعِيًا وَالْآخَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ الْحَاضِرِينَ صُلُوحًا لَأَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا فِي دَعْوَى حَقِّ نَفْسِهِ عَلَى الْآخَرِ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْآخَرِ حَقَّهُ عَلَيْهِ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَصِيرُ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ حَيْثِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ فَلَا تُتَوَهَّمُ الْجَهَالَةُ حِينَئِذٍ أَصْلًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ اسْتِمَاعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ وَقِسْمَةُ الدَّرَاهِمِ بَيْنَهُمْ عَلَى جَعْلِهِمْ أَحَدَهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ مُدَّعِيًا وَلَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدٍ وَلَمْ يُرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ، فَإِنَّهُمْ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا مَعْنَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَعْلَمُوا مِثْلَ هَذِهِ الدَّقِيقَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ انْتِصَابِ الْوَرَثَةِ خُصَمَاءَ عَنْ الْمُورِثِ يَقْسِمُ الْقَاضِي الدَّارَ بَيْنَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ بَعْدَ أَنْ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِ الْمُورِثِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>