للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مِقْدَارِ مَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ فَصَارَ نَظِيرَ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحْكَامِ التَّحَالُفِ فِيمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّقْوِيمِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ دَعْوَى الْغَبْنِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ لِوُجُودِ التَّرَاضِي، إلَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَالْغَبْنُ فَاحِشٌ (لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مُقَيَّدٌ بِالْعَدْلِ)

الْغَصْبَ بِدَعْوَى الْغَلَطِ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُ التَّحَالُفَ أَنْ يَدَّعِيَ الْغَلَطَ فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ بِالْقِسْمَةِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مُدَّعِيًا الْغَصْبَ بِدَعْوَى الْغَلَطِ وَقَالَ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ: وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّحَالُفُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، وَفِي الْبَيْعِ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَتَحَالَفَانِ إذَا كَانَ قَائِمًا هَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ وَقَالَ: هَذَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُمَا إقْرَارٌ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَأَمَّا إذَا سَبَقَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْغَصْبُ وَقَالَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي: إذَا كَانَ يَجِبُ التَّحَالُفُ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ بِالْقِسْمَةِ كَمَا فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، فَبِاعْتِبَارِ دَعْوَى الْغَصْبِ لَا يَجِبُ التَّحَالُفُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ، وَالتَّحَالُفُ أَمْرٌ عُرِفَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَإِذَا وَجَبَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لَا يَجِبُ انْتَهَى فَتَلَخَّصَ مِنْهُ وَجْهُ عَدَمِ وُجُوبِ التَّحَالُفِ فِيمَا إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ مَعَ اسْتِمَاعِ دَعْوَاهُ كَمَا وَقَعَ فِي مَتْنِ الْكِتَابِ فَحَصَلَ بِهِ الْجَوَابُ عَنْ بَحْثِ ذَلِكَ الْقَائِلِ قَطْعًا، بَلْ حَصَلَ بِهِ الْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى التَّكَلُّفِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ دَعْوَى الْغَلَطِ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ دَعْوَى الْغَصْبِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ كَمَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ النَّوْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الذَّخِيرَةِ لَا يُنَاقِضُ الْإِقْرَارَ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ قَبْلُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مِقْدَارِ مَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ فَصَارَ نَظِيرَ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحْكَامِ التَّحَالُفِ فِيمَا تَقَدَّمَ) أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّحَالُفِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى هُوَ أَنَّ التَّحَالُفَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى وِفَاقِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْآخَرَ يُنْكِرُهَا، وَإِنَّ الْآخَرَ يَدَّعِي وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْبَدَلِ بِمَا قَالَهُ وَأَحَدَهُمَا يُنْكِرُهُ فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْكِرًا فَيَحْلِفَ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَمُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّ الْقَابِضَ مِنْهُمَا لَا يَدَّعِي شَيْئًا حَتَّى يُنْكِرَهُ الْآخَرُ فَيَحْلِفَ عَلَيْهِ، لَكِنَّا عَرَفْنَا التَّحَالُفَ فِيهِ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قَابِضٌ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ ذُو الْيَدِ وَلَا يَدَّعِي عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَدَّعِي الْآخَرُ عَلَيْهِ بَعْضَ مَا فِي يَدِهِ فَكَانَ التَّحَالُفُ فِيهِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ، وَلَا مَجَالَ لِإِجْرَاءِ النَّصِّ الْمَزْبُورِ هُنَا لَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ ذَلِكَ النَّصَّ كَانَ وَارِدًا فِي الْبَيْعِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَا يَرِدُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ يَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهِ وَلَا بِطَرِيقِ دَلَالَةِ النَّصِّ، لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ فِيهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ وَالْمُبَادَلَةِ مَعًا كَمَا مَرَّ فِي صَدْرِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَالْبَيْعُ مُبَادَلَةٌ مَحْضَةٌ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْإِفْرَازِ، وَلَا بُدَّ فِي الْإِلْحَاقِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ مِنْ الْأَوْلَوِيَّةِ أَوْ التَّسَاوِي عَلَى مَا عُرِفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>