للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالْخَامِسُ بَيَانُ نَصِيبِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ عِوَضًا بِالشَّرْطِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَمَا لَا يُعْلَمُ لَا يَسْتَحِقُّ شَرْطًا بِالْعَقْدِ. (وَالسَّادِسُ أَنْ يُخَلِّيَ رَبُّ الْأَرْضِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَامِلِ، حَتَّى لَوْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْأَرْضِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ) لِفَوَاتِ التَّخْلِيَةِ (وَالسَّابِعُ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ بَعْدَ حُصُولِهِ) لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ شَرِكَةً فِي الِانْتِهَاءِ، فَمَا يَقْطَعُ هَذِهِ الشَّرِكَةَ كَانَ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ (وَالثَّامِنُ بَيَانُ جِنْسِ الْبَذْرِ) لِيَصِيرَ الْأَجْرُ مَعْلُومًا.

قَالَ (وَهِيَ عِنْدَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ لِوَاحِدٍ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ لِوَاحِدٍ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ) لِأَنَّ الْبَقَرَ آلَةُ الْعَمَلِ فَصَارَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ بِإِبْرَةِ الْخَيَّاطِ،

بِحَمْلِ الْمَرْوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ عَلَى مَا إذَا شُرِطَ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ شَرْطٌ مُفْسِدٌ، إذْ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ فِيهِ شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُفْسِدٌ عِنْدَهُمَا. وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْكَافِي حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: التَّعَامُلُ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ بَاطِلٌ. قُلْنَا: النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي الْمُجْتَهِدَاتِ صُوَرُ النُّصُوصِ، وَإِلَّا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْخِلَافُ فِيهَا أَوْ تَحَمُّلُهَا عَلَى مَا إذَا شَرَطَ شَرْطًا مُفْسِدًا، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُفْسِدٌ عِنْدَهُمَا، إلَى هُنَا كَلَامُهُ

(قَوْلُهُ وَالْخَامِسُ بَيَانُ نَصِيبِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ عِوَضًا بِالشَّرْطِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا) أَقُولُ: لَا شَكَّ أَنَّ بَيَانَ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ، فَعَدَّ بَيَانَ نَصِيبِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ مِنْ الشَّرَائِطِ دُونَ بَيَانِ نَصِيبِ الْآخَرِ مِمَّا لَا يُجْدِي كَبِيرَ طَائِلٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالسَّابِعُ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ بَعْدَ حُصُولِهِ لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ شَرِكَةً فِي الِانْتِهَاءِ فَمَا يَقْطَعُ هَذِهِ الشَّرِكَةَ كَانَ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ) قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الشُّرَّاحِ: لِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِيهَا مَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الْخَارِجِ تَبْقَى إجَارَةً مَحْضَةً، وَالْقِيَاسُ يَأْبَى جَوَازَ الْإِجَارَةِ الْمَحْضَةِ بِأَجْرٍ مَعْدُومٍ انْتَهَى.

أَقُولُ: فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ الْقِيَاسَ كَمَا يَأْبَى جَوَازَ قِيَاسِ الْإِجَارَةِ الْمَحْضَةِ بِأَجْرٍ مَعْدُومٍ يَأْبَى جَوَازَهَا بِأَجْرٍ مَوْجُودٍ أَيْضًا، إذَا قَدْ تَقَرَّرَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى جَوَازَ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا لِكَوْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَنْفَعَةُ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ، لَكِنَّا جَوَّزْنَاهَا اسْتِحْسَانًا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا فَكَيْفَ يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِمُجَرَّدِ أَنْ يَأْبَى الْقِيَاسُ جَوَازَهَا عَلَى فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى تَقْدِيرِ بَقَائِهَا إجَارَةً مَحْضَةً، فَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ بَدَلَ قَوْلُهُمْ وَالْقِيَاسُ يَأْبَى جَوَازَ الْإِجَارَةِ الْمَحْضَةِ بِأَجْرٍ مَعْدُومٍ وَالْإِجَارَةُ الْمَحْضَةُ بِأَجْرٍ مَعْدُومٍ فَاسِدَةٌ قَطْعًا. ثُمَّ أَقُولُ: لَا يَذْهَبُ عَلَى ذِي فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحُ، فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا كَوْنَ مَا يَقْطَعُ هَذِهِ الشَّرِكَةَ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ بِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِيهَا مَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الْخَارِجِ تَبْقَى إجَارَةً مَحْضَةً، وَالْقِيَاسُ يَأْبَى جَوَازَ الْإِجَارَةِ الْمَحْضَةِ بِأَجْرٍ مَعْدُومٍ، وَالْمُصَنِّفُ فَرَّعَ كَوْنَ مَا يَقْطَعُ هَذِهِ الشَّرِكَةَ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ عَلَى مَا قَبْلَهُ حَيْثُ قَالَ فَمَا يَقْطَعُ هَذِهِ الشَّرِكَةَ كَانَ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ فَقَدْ جَعَلَ عِلَّةَ ذَلِكَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَضْمُونُ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ شَرِكَةً فِي الِانْتِهَاءِ فَمُرَادُهُ أَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ شَرِكَةٌ فِي الِانْتِهَاءِ وَإِنْ كَانَ إجَارَةً فِي الِابْتِدَاءِ فَكَانَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ مُعْتَبَرًا فِي انْعِقَادِ الْمُزَارَعَةِ، فَمَا يَقْطَعُ هَذِهِ الشَّرِكَةَ يَنْفِي الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرَ فِي انْعِقَادِهَا فَيُفْسِدُ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ لَا مَحَالَةَ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ عِنْدَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>