خَارِجَ الْحَرَمِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ (وَذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ حَلَالٌ) لِمَا تَلَوْنَا. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ وَيَحِلُّ إذَا كَانَ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبِيحَةَ وَيَضْبِطُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ امْرَأَةً، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَضْبِطُ وَلَا يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبِيحَةَ لَا تَحِلُّ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ شَرْطٌ بِالنَّصِّ وَذَلِكَ
﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ إلَى آخِرِهِ.
فَاسْتَثْنَى مِنْ الْحُرْمَةِ الْمُذَكَّى فَيَكُونُ حَلَالًا. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَالْمُرَتَّبُ عَلَى الْمُشْتَقِّ مَعْلُولٌ لِلصِّفَةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْحِلُّ ثَابِتًا بِالشَّرْعِ جُعِلَتْ شَرْطًا انْتَهَى. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ بِمَعْقُولِ الْمَعْنَى، لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحِلِّ بِالشَّرْعِ مِمَّا لَا يُنَافِي كَوْنَ الصِّفَةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهَا الَّتِي هِيَ الذَّكَاةُ عِلَّةَ الْحُكْمِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى عَلَى ذِي مُسْكَةٍ.
(قَوْلُهُ وَذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ حَلَالٌ) لِمَا تَلَوْنَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ عَنَى بِقَوْلِهِ لِمَا تَلَوْنَا قَوْله تَعَالَى ﴿إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ وَهُوَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ فِي حَقِّ الْكِتَابِيِّ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ، كَذَا ذَكَرَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ الْأَحْسَنُ عِنْدِي أَيْضًا فِي بَيَانِ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَقَوْلُهُ لِمَا تَلَوْنَا إشَارَةٌ إلَى قَوْله تَعَالَى ﴿إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ وَلَمَا اسْتَشْعَرَ أَنْ يُقَالَ ﴿إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ عَامٌّ مَخْصُوصٌ لِخُرُوجِ الْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْمَجُوسِيِّ فَلَا يَكُونُ قَاطِعًا فِي الْإِفَادَةِ، ضَمَّ إلَيْهِ قَوْلَهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ إلَى هُنَا كَلَامُهُ أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ.
أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ عَامٌّ لِلْكُفَّارِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْمُؤْمِنِينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَالسِّيَاقُ فِي النَّظْمِ الشَّرِيفِ، أَلَا يَرَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ أَوَّلَ سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخِطَابَاتِ الْوَاقِعَةَ هُنَا لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute