و"بيان أحوال الناس في القيامة"، وسمع الحديث من ابن طبرزد وغيره، وعنه الدمياطى، وخرَّج له ابن دقيق العيد وهو الذى لقبه سلطان العلماء وتاج الدين ابن الفركاج وعلاء الدين الباجى وخلق، وأجاز لشيخنا جمال الدين محمد بن يوسف المعدمى المعمَّر فإن مولده سنة تسع وأربعين وستمائة، ومات سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وكان -أعنى الشيخ عز الدين- أمَّارًا بالمعروف نهاءًا عن المنكر، وولى خطابة دمشق بعد الدولعى فلم يلبس سوادًا ولا سجع خطبة، واجتنب الثناء على الملوك وأبطل صلاة الرغائب والنصف فوقع بينه وبين ابن الصلاح بسبب ذلك، ولم يكن يؤذن بين يديه يوم الجمعة إلا مؤذن واحد وأرشد المؤذنين أن يقولوا لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له الحديث في مسلم عن ابن الزبير وكتب إليه السلطان الملك الأشرف موسى جوابًا عن كتاب كتبه الشيخ عز الدين يطلب منه عقد مجلس بسبب العقائد، وكان الأشرف مائلًا عليه مع خصومه من المبتدعة الحشوية وعدم إجابته إلى ما سأله، فكتب إليه الشيخ عز الدين كتابًا عظيمًا وفى آخره يقول: وبعد هذا فإنَّا نزعم أنَّا من جملة حزب اللَّه وأنصار دينه وجنده، وكل جندى لا يخاطر بنفسه فليس بجندى، وافتتحه بقوله:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. (١) ولما سلم الملك الصالح إسماعيل بن العادل بلغه التشنيف وصعد للفرنج ساد لك المسلمين فنال منه الشيخ عز الدين على المنبر، ولم يدع له فغضب الملك من ذلك وعزله وسجنه ثم أطلقه فسرح إلى الديار المصرية هو والشيخ كمال الدين بن الحاجب فتلَّقاه الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب مصر وأكرمه واحترمه وأكرم حافظ الديار المصرية وزاهدها الشيخ زكى الدين وامتنع من الفتيا لأجله، وقال: إنه تعيَّن لها. وحضر مجلسه الحافظ وسمع عليه، واتفق موت قاضى القاهرة شرف بن عين الدولة فولى السلطان مكانه القاضى بدر الدين السنجارى وفوض قضاء مصر والوجه القبلى إلى الشيخ عز الدين مع خطابة جامع مصر فتمكن من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حتى إن بعض الأمراء أبنى مكانًا للطبلخاناه على سطح مسجدًا فأنكر ذلك الشيخ عز الدين وذهب بنفسه فأخربه، وعلم أن هذا يشق على الوزير فحكم بفسق الوزير، وعزل نفسه عن