اليوم. فقال: انفصل الحال من أمس في العصر وبات المسلمون على كذا فقيل له نخبر عنك فقال: نعم. فجاء الخبر بعد أيام بذلك، وذلك في سنة ثمانين عند دخول التتار البلاد، وقال عن بعض الأمراء وفد خرج من القاهرة: إنه لا يرحع فلم يرجع، وأساء عليه شخص الأدب فقال: نعيت لى في هذا المجلس ثلاث مرات. فمات بعد ثلاثة أيام، وكان يقول ما تكلمت بكلمة ولا فعلت فعلًا إلَّا وأعددت له جوابًا بين يدى اللَّه، ومن شعره:-
"تمنيتُ أن الشَّيْيبَ عاَجَل لمنيتى ... وقرَّبَ منِّى في صباىَ مَزَاره،
لآخذ مِن عَصْرِ الشبابِ نَشاطَه ... وآخذَ من عصر المشيب وقاره"
وله أيضًا:
"كم ليلة فيك وصلنا السُّرى ... لا نعرف الغمض ولا نَسْتريح،
واختلف الأصحاب ماذا الذى ... يزيل من شكواهم أو يريح،
فقيل تعريسهم ساعة ... وقلت بل ذكراك وهو الصحيح".
وله أيضًا:
قالوا فلان عالم فاضل ... فأكوموه مثل ما يرتضى
فقلت لما يكنْ ذا تقى .... تعارض المانع والمقتضى
وله أيضًا:
أتعبت نفسك بين ذلة كادح ... طلب الحياة وبين حرص مؤمَّلِ
وأضعت نفسك لا خلاعة ماجن ... حصلت فيه ولا وقار مُبَجَّلِ
وتركت حظَّ النفس في الدنيا وفي ... الأخرى ورحت عن الجميع بمعزل