للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هلاك الروح والقلب وفسادها من هلاك البدن وفساده؟!، وهذا هلاكٌ لابُدَّ منه وقد يعقبه صلاح الأبد، وأما هلاك القلب والروح فهلاكٌ لا يُرجَى معه صلاح ولا فلاح، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولو لم يكن في فوائد الذكر وإدامته إلا هذه الفائدة وحدها لكفى بها.

فمن نسي الله تعالى أنساه نفسه في الدنيا، ونسيه في العذاب يوم القيامة. قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ [طه: ١٢٤ - ١٢٦]، أي تُنْسَى في العذاب كما نسيت آياتنا، فلم تذكرها ولم تعمل بما فيها.

وإعراضُه عن ذكره يتناول إعراضَه عن الذكر الذي أنزله، وهو كتابه، وهو المراد، ويتناول إعراضَه عن أن يَذْكُرَ ربه بكتابه، وأسمائه، وصفاته، وأوامره، وآلائه، ونعمه؛ فإن هذه كلها توابع إعراضه عن كتاب ربه تعالى، فإن الذكر (١) في الآية إما مصدرٌ مضافٌ إلى معموله الذي هو المذكور، وإما اسمٌ (٢) مضافٌ إلى الفاعل، أو مضافٌ إضافة الأسماء المحضة، أي: من أعرض عن كتابي ولم يَتْلُه، ولم يتدبره، ولم يعمل به، ولم يفهمه (٣) = فإن حياته ومعيشته لا تكون إلا مُضَيَّقةً (٤)


(١) (ت) و (م) و (ق): "فالذكرُ".
(٢) "مضاف إلى معموله الذي هو المذكور، وإما اسم" مِنْ (م).
(٣) (ت) و (ح) و (ق): "ولا فهمه".
(٤) (ت) و (م): "منغصة".

<<  <  ج: ص:  >  >>