للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشرق عليها نورٌ لا يعيشُ فيها حيوانٌ، ولا يتكوَّنُ ألبتة = فكذلك أمة فُقِد منها نور الوحي والإيمان، وقلبٌ فُقِد منه هذا النور ميّتٌ ولابُدّ، لا حياة له ألبتة، كما لا حياة للحيوان في مكانٍ لا نور فيه.

والله يَقْرِنُ بين الحياة والنور، كما في قوله ﷿: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ١٢٢]، وكذلك قوله ﷿: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ [الشورى: ٥٢].

وقد قيل: إن الضمير في "جعلناه" عائد إلى الأمر، وقيل: إلى الكتاب، وقيل: إلى الإيمان، والصواب: أنه عائد إلى الروح، أي: جعلنا ذلك الروح الذي أوحيناه إليك نورًا (١)، فسمّاه رُوحًا لما يحصل به من الحياة، وجعله نورًا لما يحصل به من الإشراق والإضاءة، وهما متلازمان، فحيث وُجِدت هذه الحياة بهذا الروح وُجِدت الإضاءة والاستنارة، وحيث وُجِدت الاستنارة والإضاءة وُجِدت الحياة، فمن لم يقبل قلبه هذا الروح فهو ميّت مظلم، كما أن من فارق بدنَه روحُ الحياة


(١) وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، كما نقله المصنِّف في "اجتماع الجيوش الإسلامية" (٨٧ - ٨٨).
وانظر: "الجواب الصحيح" (٣/ ٤١٠ - ٤١١، ٤٨٧)، و"مجموع الفتاوى" (١٥/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>