للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رب العالمين ، على قلب رسول الله (١)؛ ليُحْيِيَ به القلوب والوجود أجمع، اقتضت حكمته أن يقارنه من الغيم والرعد والبرق ما يقارن الصَّيِّب المائيَّ (٢)، حكمةً بالغةً، وأسبابًا منتظمةً نظَّمها العزيز الحكيم.

فكان حظ المنافق من ذلك الصَّيِّب سحابُه ورُعُودُه وبُروقُه فقط، لم يعلم ما وراءه، فاستوحش بما أنس به المؤمنون، وارتاب بما اطمأن به العالمون، وشك فيما تيقَّنه المُبْصِرُون العارفون، فبصره في المثل الناري كبصر الخُفاش في نحر الظهيرة (٣)، وسَمْعُه في المثل المائيّ كسَمْعِ من يموت من صوت الرعد. وقد ذُكِر عن بعض الحيوانات أنها تموت من صوت الرعد (٤).

وإذا صادف هذه العقول والأسماع والأبصار شبهاتٌ شيطانية، وخيالاتٌ فاسدة، وظنونٌ كاذبة، جالت فيها وصالت، وقامت فيها وقعدت، واتسع فيها مجالها، وكَثُرَ بها قِيلُها وقالُها، فملأت الأسماع


(١) (ت): "على قلب سيد المرسلين"، وفى (ق): "على قلب رسوله".
(٢) (ح): "الصيب الماء".
(٣) (ح) و (ق): "نحو الظهيرة".
(٤) ذكر منها الدّميريُّ في "حياة الحيوان" (١/ ٣٧٤، ٥٠٥): "الخطّاف"، و"السّمان"، وهما طائران، وقال عن الثاني: "ويُسمَّى: قتيل الرعد، من أجل أنه إذا سمع صوت الرعد مات".

<<  <  ج: ص:  >  >>