للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ونظيرُ هذين المَثَلَيْن المثلان المذكوران في سورة الرعد في قوله تعالى: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾ [الرعد: ١٧] (١).

فهذا المثل هو المثل المائي، شبَّه سبحانه الوحي الذي أنزله بحياة القلوب، بالماء الذي أنزله من السماء، وشَبَّه القلوب الحاملة له بالأودية الحاملة للسيل.

فقلبٌ كبيرٌ يَسَعُ علمًا عظيمًا كوادٍ كبير يَسَعُ ماءً كثيرًا، وقلبٌ صغيرٌ كوادٍ صغيرٍ يَسَعُ علمًا قليلًا، فحَمَلَتِ القلوب من هذا العلم بقدرها، كما سالت الأودية بقدرها.

ولما كانت الأودية (٢) ومجاري السيول فيها الغُثاء ونحوه مما يمرُّ عليه السيل، فيحتمله (٣) السيلُ فيطفو على وجه الماء زبدًا عاليًا، يمرُّ عليه متراكبًا (٤)، ولكنّ تحته الماء الفرات الذي به حياة الأرض، فيقذف


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٠/ ٧٦٦ - ٧٦٧)، و"درء التعارض" (٧/ ٤٥٥ - ٤٥٦)، و"مفتاح دار السعادة" (١/ ٢٤٩ - ٢٥٠، ٤٠٧)، و"إعلام الموقعين" (١٥٢ - ١٥٣)، و"شفاء العليل" (١/ ٣٢١ - ٣٢٢).
(٢) "ولما كانت الأودية" ساقط من (ت).
(٣) (ت) و (م): "فيحمله"، وفي (ق): "فتحتمله".
(٤) (ت): "عليه الماء متراكبًا"، وفي (م) و (ق): "عاليًا عليه متراكبًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>