للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوادي ذلك الغثاء إلى جَنَبَتَيْه حتى لا يبقى منه شيء، ويبقى الماء الذي تحت الغثاء يسقي الله تعالى به الأرض، فيُحْيِي به البلاد والعباد، والشجر والدواب، والغثاءُ يذهب جُفاءً يُجْفَى، ويُطْرَح على شفير الوادي.

فكذلك العلم والإيمان الذي أنزله من السماء (١) في القلوبِ، فاحْتَمَلَتْهُ، فأثار منها بسبب مخالطته لها ما فيها من غثاء الشهوات وزبَدِ الشبهات الماطلة، فطفا في أعلاها، واستقرَّ العلم والإيمان والهدى (٢) في جَذْرِ القلب، وهو أصله ومستقره، كما قال النبي : "نزل الإيمان في جَذْرِ قلوب الرجال" (٣). رواه البخاري من حديث حذيفة (٤).

فلا يزال ذلك الغثاء والزَّبَدُ يذهب جفاءً، ويزول شيئًا فشيئًا، حتى يزول كله، ويبقى العلم النافع والإيمان الخالص في جَذْرِ القلب، يَرِدُه الناس، فيشربون ويسقون ويزرعون.

وفي "الصحيح" من حديث أبي موسى عن النبي قال: "مَثَلُ ما بعَثَني الله تعالى به من الهدى والعلم، كَمَثَلِ غَيْثٍ أصاب أرضًا، فكان


(١) "من السماء" ساقط من (ح) و (ق).
(٢) "والهدى" من (ح) و (ق).
(٣) أخرجه البخاري (٦٤٩٧، ٧٠٨٦، ٧٢٧٦)، ومسلم (١٤٣).
وهو عندهما جميعًا بلفظ: "الأمانة" بدل "الإيمان"، ولم أقف عليه باللفظ الذي ذكره المصنّف في شيء من كتب الحديث.
(٤) من قوله "وهو أصله" إلى هنا، ساقط من (ت) و (ح) و (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>