للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه حتى ملأ الدنيا علمًا وفقهًا.

قال أبو محمد بن حزم: وجُمِعَتْ فتاويه في سبعة أسفار كبار (١).

وهي بحسب ما بلغ جامعَها، وإلا فعلم ابن عباس كالبحر، وفقهه واستنباطه وفهمه في القرآن بالموضع الذي فاق به الناس، وقد سَمِع كما سمعوا، وحفظ كما حفظوا، ولكنّ أرضه كانت من أطيب الأراضي وأَقْبَلِها للزرع، فبذر فيها النصوص، فأنبتت من كل زوج كريم: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)[الجمعة: ٤].

وأين تقع فتاوى ابن عباس، وتفسيره، واستنباطه، من فتاوى أبي هريرة وتفسيره؟! وأبو هريرة أحفظ منه، بل هو حافظ الأمة على الإطلاق، يُؤَدِّي الحديث كما سمعه، ويَدْرُسُه بالليل درسًا، فكانت هِمَّته مصروفة إلى الحفظ وتبليغ ما حفظه كما سمعه (٢)، وهِمَّةُ ابن


= حجر (١١/ ٣٩٠ - ٣٩١)، و"تهذيب التهذيب" (٥/ ٢٧٩).
(١) قال أبو محمد بن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام" (٥/ ٩٢):
"وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب ابن أمير المؤمنين المأمون فُتيا عبد الله بن العباس في عشرين كتابًا. وأبو بكر المذكور أحد أئمة الإسلام في العلم والحديث". ونقله عنه المصنّف في "إعلام الموقعين" (١/ ١٢).
وانظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (٢٤).
أمّا العبارة التي نقلها "شيخ الإسلام" هنا عن ابن حزم فهذه إنّما قالها ابن حزم في الحسن البصري، كما في "الإحكام" (٥/ ٩٧)، وكما نقله عنه المصنِّف في "إعلام الموقعين" (١/ ٢٤).
(٢) ولا يعني هذا أنّ هِمَّته هذه قد صَرَفَتْهُ عن التفقّه فيما حفظ من الحديث؛ فإنّه =

<<  <  ج: ص:  >  >>