للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم" (١).

فجمع في هذا الدعاء الشريفِ العظيمِ القدْرِ بين الاعتراف بحاله، والتَّوسُّلِ إلى ربه ﷿ بفضله وجوده، وأنه المنفرد بغفران الذنوب،


= مرة جاز ذلك. وكذلك الدّاعي إذا قال: "اللَّهُمَّ إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا" مرّةً، ومرّة قال: "كبيرًا" جاز ذلك.
الرابع: أن النبي لم يجمع بين تلك الألفاظ المختلفة في آنٍ واحد، بل إمّا أن يكون قال هذا مرة، وهذا مرة، كألفاظ الاستفتاح. . .، فاتباعه يقتضى أن لا يجمع بينهما، بل يُقال هذا مرة، وهذا مرة. وإمّا أن يكون الراوي قد شكّ في أيّ الألفاظ قال، فإن ترجّح عند الداعي بعضها صار إليه، وإن لم يترجّح عنده بعضها كان مخيَّرًا بينهما، ولم يُشْرَع له الجمع: فإنّ هذا نوعٌ ثالث لم يُرْوَ عن النبي ، فيعود الجمع بين تلك الألفاظ في آنٍ واحد على مقصود الدّاعي بالإبطال؛ لأنه قصد متابعة الرسول فَفَعَل ما لم يَفْعَلْهُ قطعًا!.
الخامس: أن المقصود إنما هو المعنى، والتعبير عنه بعبارةٍ مؤدِّيةٍ له، فإذا عُبِّر عنه بإحدى العبارتين حصل المقصودُ، فلا يجمع بين العبارات المتعدّدة.
السادس: أن أحد اللفظين بدل عن الآخر، فلا يستحب الجمع بين البدل والمُبْدَل معًا، كما لا يستحب ذلك في المبدلات التي لها أبدال".
وبنحو هذا تعقَّب ابنُ جماعة والزركشيُّ النوويَّ فيما ذهب إليه.
انظر: "الفتوحات الربانية" (٣/ ١٦).
وانظر -أيضًا-: "القواعد" لابن رجب (١/ ٧٣ - ٩٠)، و"فتح الباري" لابن حجر (١١/ ١٦٢ - ١٦٣).
وإنما أطلتُ في نقل كلام أهل العلم حول هذه المسألة؛ لعلاقتها الوثيقة بموضوع الكتاب، ولحاجة القارئ إليها.
(١) "صحيح البخاري" (٨٣٤، ٦٣٢٦، ٧٣٨٨)، و"صحيح مسلم" (٢٧٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>