للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْرِضَ للعبدِ ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن.

مثالُه: أن يتفكر في ذنوبه، فَيُحْدِثُ ذلك له توبة واستغفارًا، أو يَعْرِضَ له (١) ما يَخافُ أذاه من شياطين الإنس والجن، فيَعْدِلَ إلى الأذكار والدَّعواتِ التي تُحَصِّنُه وَتَحُوطُه.

وكذلك أيضًا قد يَعْرِضُ للعبد حاجةٌ ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها بقراءةٍ أو ذِكْرٍ لم يَحْضُرْ قلبُه فيها، وإذا أقبل على سؤالها والدعاء لها اجتمع قلبه كله على الله تعالى، وأحدث له تضرُّعًا وخشوعًا وابتهالًا، فهذا قد يكون اشتغاله بالدعاء -والحالة هذه- أنفعُ، وإن كان كلٌّ من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرًا (٢).

وهذا بابٌ نافعٌ يحتاج إلى فِقْه نَفْسٍ، وفُرْقانٍ بين فضيلة الشيء في نفسه وبين فضيلته العارضة، فَيُعْطَى كلُّ ذي حقٍّ حقَّه، ويُوضَعُ كلُّ شيءٍ مَوْضِعَه (٣).


(١) (ت): "مثاله أن يحدث له من التفكّر في ذنوبه فحصل له توبة واستغفارًا أو يحصل له ما يخاف أذاه. . ."، وفي (م): "مثاله أن يفكر في ذنوبه فتحدث له توبة واستغفار. . .".
(٢) (ت) و (م): "وأكثر أجرًا".
(٣) بسط شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى هذا المعنى في كثير من رسائله وأجوبته، ونبَّه على طائفةٍ من أسراره ودقائقه، وأتى في ذلك بكلِّ بديع.
انظر: "قاعدة في التوسّل والوسيلة" (١/ ١٨٣ - ١٨٤ مجموع الفتاوى)، و"جامع المسائل" (المجموعة الثالثة: ٣٨٥ - ٣٨٦)، و"جواب أهل العلم والإيمان: إن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن" =

<<  <  ج: ص:  >  >>