للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توبته منها حسنات كثيرةٌ قد (١) تربي وتزيد على الحسنة التي حبطت بالسيئة، فإذا عزمت التوبة، وصحَّت، ونشأت من صميم القلب، أحرقت ما مرّت عليه من السيئات، حتى كأنها لم تكن؛ فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

وقد سأل حكيمُ بن حزام ﵁ النبيَّ ﷺ عن عتاقةٍ وصِلَةٍ وبِرٍّ فعله في الشرك: هل يُثابُ عليه؟ فقال النبي ﷺ له: "أسلمت على ما أسلفت مِنْ خَيْرٍ" (٢).

فهذا يقتضي أن الإسلام أعاد عليه ثواب تلك الحسنات التي كانت باطلة بالشرك، فلما تاب من الشرك عاد إليه ثوابُ حسناته المتقدمة.

فهكذا إذا تاب العبد توبة نصوحًا صادقةً خالصةً (٣) أحرقت ما كان قبلها من السيئات، وأعادت عليه ثواب حسناته (٤).


(١) (ت) و (م) و (ق): "وقد".
(٢) أخرجه البخاري (١٤٣٦، ٢٢٢٠، ٢٥٣٨)، ومسلم (١٢٣) عن حكيم بن حزام ﵁، واللفظ لمسلم.
(٣) "خالصة" من (ح) و (م) و (ق).
(٤) الذي استظهره المصنّف في هذه المسألة هنا جزم به في "مدارج السالكين" (١/ ٣٠٨) -وهو متأخّر في التأليف عن هذا الكتاب-.
ويدلُّ على ما ذهب إليه قولُ عائشة المتقدّم لزيد بن أرقم ﵄: "أبلغي زيدًا أنه أحبط جهاده مع رسول الله ﷺ إلا أن يتوب".
قال ابن رجب في "فتح الباري" (١/ ١٩٩):
"وهذا يدلُّ على أنّ بعض السيئات تحبط بعض الحسنات، ثم تعود بالتوبة منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>