للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونها يحرم استعمالها فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» (١).

وقال عليه السلام: «الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يُجَرْجِرُ في بطنه نار جهنم» (٢) متفق عليهما.

فتوعّد على ذلك النار. وذلك دليل الحرمة.

ولأن فيه سرفًا وخيلاء وكسرًا لقلوب الفقراء.

فإن قيل: الحديث المتقدم إنما دليله حرمة الأكل والشرب.

قيل: الشيء إذا خرج مخرج الغالب لا يتقيد الحكم به. ومنه قوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣]؛ لأن الرهن يصح في الحضر وذِكْر السفر خرج مخرج الغالب.

وأما كون المضبب بالذهب أو بالفضة يحرم اتخاذه واستعماله ما لم تكن الضبة يسيرة من فضة؛ فلأن علة تحريم الذهب والفضة هي الخيلاء وكسر قلوب الفقراء وهي موجودة في المضبب المذكور فوجب ثبوت حكمهما فيه.

وأما قول المصنف رحمه الله: على الرجال والنساء فتنبيه على أنه لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء لعموم الأحاديث.

وأما كون الوضوء من الآنية المذكورة المحرم استعمالها يصح على وجه؛ فلأن الوضوء جريان الماء على الأعضاء وليس ذلك بمعصية.

وأما كونه لا يصح على وجه؛ فلأن ذلك استعمال المعصية في العبادة أشبه الصلاة في الدار المغصوبة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥١١٠) ٥: ٢٠٦٩ كتاب الأطعمة، باب: الأكل في إناء مفضض.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٢٠٦٧) ٣: ١٦٣٨ كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة ... عن حذيفة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٣١١) ٥: ٢١٣٣ كتاب الأشربة، باب: آنية الفضة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٢٠٦٥) ٣: ١٦٣٤ كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة ... عن أم سلمة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>