للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأول أصح؛ لأن استعمال الماء في الوضوء يكون بعد فعله المعصية بخلاف الصلاة في الدار المغصوبة فإن نفس العبادة واقعة معصية وذلك لا يجامع الطاعة فلزم انتفاء كونها عبادة.

وأما كون الضبة اليسيرة من فضة لا بأس بها فـ «لأن قدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة» (١) رواه البخاري.

ولأن الخيلاء وكسر قلوب الفقراء مفقود في ذلك.

وفي تقييد المصنف رحمه الله الضبة بكونها يسيرة من فضة إشعار (٢) بأمرين:

أحدهما: أنه يشترط فيما ذكر ذلك. وهو صحيح لأن مقتضى الدليل حرمة المضبب مطلقًا. تُرك العمل به فيما ضبته يسيرة من فضة للحديث المذكور فيبقى فيما عداه على مقتضاه.

وثانيهما: أنه لا يشترط غير ذلك. فعلى هذا لا يشترط أن تكون الضبة لحاجة. وصرح به في المغني. ووجهه أنها ضبة يسيرة لا خيلاء فيها ولا كسر.

وقال أبو الخطاب: لا بد من الحاجة لأن الرخصة وردت في الحاجة فيجب قصر الحكم عليها.

فإن قال قائل: قول المصنف رحمه الله لا بأس بها إذا لم يباشرها بالاستعمال يدل على وجود البأس عند وجود المباشرة والبأس ظاهر في التحريم والأمر ليس كذلك.

قيل: مراده نفي الكراهة إذا لم يباشرها وهو عند المباشرة مكروه الاستعمال لأنه يكون شاربًا على فضة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٩٤٢) ٣: ١١٣١ أبواب الخمس، باب: ما ذُكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصاه ... عن أنس رضي الله عنه.
(٢) في ب: إشعاراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>